كتاب الصيام وهذا الكتاب ينقسم أولا قسمين: أحدهما: في الصوم الواجب. والآخر: في المندوب إليه. والنظر في الصوم الواجب ينقسم إلى قسمين: أحدهما: في الصوم. والآخر: في الفطر. أما القسم الأول: وهو الصيام، فإنه ينقسم أولا إلى جملتين: إحداهما: معرفة أنواع الصيام الواجب. والأخرى: معرفة أركانه. وأما القسم الذي يتضمن النظر في الفطر، فإنه ينقسم إلى معرفة المفطرات وإلى معرفة المفطرين، وأحكامهم. فلنبدأ بالقسم الأول من هذا الكتاب. وبالجملة الأولى منه، وهي: معرفة أنواع الصيام. فنقول: إن الصوم الشرعي منه واجب، ومنه مندوب إليه، والواجب ثلاثة أقسام: منه ما يجب للزمان نفسه، وهو صوم شهر رمضان بعينه. ومنه ما يجب لعلة، وهو صيام الكفارات ومنه ما يجب بإيجاب الانسان ذلك على نفسه، وهو صيام النذر والذي يتضمن هذا الكتاب القول فيه من أنواع هذه الواجبات، هو صوم شهر رمضان فقط. وأما صوم الكفارات، فيذكر عند ذكر المواضع التي تجب منها الكفارة، وكذلك صوم النذر، ويذكر في كتاب النذر.
فأما صوم شهر رمضان: فهو واجب بالكتاب والسنة، والاجماع. فأما الكتاب فقوله تعالى: * (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) *. وأما السنة: ففي قوله عليه الصلاة والسلام بني الاسلام على خمس، وذكر فيها الصوم وقوله للأعرابي وصيام شهر رمضان، قال: هل علي غيرها؟ قال: لا إلا أن تطوع.
وكان فرض الصوم لشهر رمضان في السنة الثانية من الهجرة. وأما الاجماع: فإنه لم ينقل إلينا خلاف عن أحد من الأئمة في ذلك. وأما على من يجب وجوبا غير مخير، فهو البالغ العاقل الحاضر الصحيح إذا لم تكن فيه الصفة المانعة من الصوم.
وهي الحيض للنساء. هذا لا خلا ف فيه لقوله تعالى: * (فمن شهد منكم الشهر، فليصمه) *.