كتاب الغسل والأصل في هذه الطهارة قوله تعالى: * (وإن كنتم جنبا فاطهروا) * والكلام المحيط بقواعدها ينحصر - بعد المعرفة بوجوبها وعلى من تجب، ومعرفة ما به تفعل، وهو الماء المطلق - في ثلاثة أبواب: الباب الأول: في معرفة العمل في هذه الطهارة. والثاني:
في معرفة نواقض هذه الطهارة. والباب الثالث: في معرفة أحكام نواقض هذه الطهارة. فأما على من تجب؟ فعلى كل من لزمته الصلاة ولا خلاف في ذلك، وكذلك لا خلاف في وجوبها، ودلائل ذلك هي دلائل الوضوء بعينها، وقد ذكرناها، وكذلك أحكام المياه وقد تقدم القول فيها.
الباب الأول: في معرفة العمل في هذه الطهارة وهذا الباب يتعلق به أربع مسائل:
المسألة الأولى: اختلف العلماء هل من شرط هذه الطهارة إمرار اليد على جميع الجسد كالحال في طهارة أعضاء الوضوء، أم يكفي فيها إفاضة الماء على جميع الجسد، وإن لم يمر يديه على بدنه؟ فأكثر العلماء على أن إفاضة الماء كافية في ذلك، وذهب مالك وجل أصحابه، والمزني من أصحاب الشافعي إلى أنه إن فات المتطهر موضع واحد من جسده، لم يمر يده عليه، أن طهره لم يكمل بعد. والسبب في اختلافهم: اشتراك اسم الغسل، ومعارضة ظاهر الأحاديث الواردة في، وذلك أن الأحاديث الثابتة التي وردت في صفة غسله عليه الصلاة والسلام من حديث عائشة وميمونة ليس فيها ذكر التدلك، وإنما فيها إفاضة الماء فقط. ففي حديث عائشة قالت: كان رسول الله (ص) إذا اغتسل من الجنابة يبدأ، فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله، فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر، ثم يصب على رأسه ثلاث غرفات، ثم يفيض الماء على جلده كله. والصفة الواردة في حديث ميمونة قريبة من هذا، إلا أنه أخر غسل رجليه من أعضاء الوضوء إلى