أراد أن ينزع الخف عنه، فقال عليه الصلاة والسلام: دعهما فإني أدخلتهما وهما طاهرتان. والمخالف حمل هذه الطهارة على الطهارة اللغوية، واختلف الفقهاء من هذا الباب فيمن غسل. رجليه، ولبس خفيه ثم أتم وضوءه هل يمسح عليهما؟ فمن لم ير أن الترتيب واجب، ورأي أن الطهارة تصح لكل عضو قبل أن تكمل الطهارة لجميع الأعضاء قال بجواز ذلك، ومن رأى أن الترتيب واجب، وأنه لا تصح طهارة العضو إلا بعد طهارة جميع أعضاء الطهارة لم يجز ذلك، وبالقول الأول قال أبو حنيفة وبالقول الثاني قال الشافعي، ومالك. إلا أن مالكا لم يمنع ذلك من جهة الترتيب، وإنما منعه من جهة أنه يرى أن الطهارة لا توجد للعضو إلا بعد كمال جميع الطهارة، وقد قال عليه الصلاة والسلام:
وهما طاهرتان فأخبر عن الطهارة الشرعية، وفي بعض روايات المغيرة: إذا أدخلت رجليك في الخف وهما طاهرتان فامسح عليهما. وعلى هذه الأصول يتفرع الجواب فيمن لبس أحد خفيه بعد أن غسل إحدى رجليه وقبل أن يغسل الأخرى. فقال مالك: لا يمسح على الخفين، لأنه لابس للخف قبل تمام الطهارة، وهو قول الشافعي وأحمد وإسحق وقال أبو حنيفة، والثوري، والمزي، والطبري، وداود يجوز له المسح، وبه قال جماعة من أصحاب مالك منهم مطرف، وغيره. وكلهم أجمعوا أنه لو نزع الخف الأول بعد غسل الرجل الثانية، ثم لبسها، جاز له المسح، وهل من شرط المسح على الخف أن لا يكون على خف آخر؟ عن مالك فيه قولان. وسبب الخلاف: هل كما تنتقل طهارة القدم إلى الخف إذا ستره الخف، كذلك تنتقل طهارة الخف الأسفل الواجبة إلى الخف الأعلى؟ فمن شبه النقلة الثانية بالأولى، أجاز المسح على الخف الأعلى، ومن لم يشبهها بها، وظهر له الفرق، لم يجز ذلك.
المسألة السابعة: فأما نواقض هذه الطهارة، فإنهم أجمعوا على أنها نواقض الوضوء بعينها، واختلفوا هل نزع الخف ناقض لهذه الطهارة أم لا؟ فقال قوم: إن نزعه وغسل، ما، وصلى، أعاد الصلاة بعد غسل قدميه، وممن قال بذلك مالك، وأصحابه، والشافعي وأبو حنيفة إلا أن مالك رأى أنه إن أخر ذلك، استأنف الوضوء على رأيه في وجوب الموالاة، على الشرط الذي تقدم. وقال قوم: طهارته باقية حتى يحدث حدثا ينقض الوضوء، وليس عليه غسل، وممن قال بهذا القول داود، وابن أبي ليلى. قال الحسن بن حي: إذا نزع خفيه فقد بطلت طهارته. وبكل واحد من هذه الأقوال الثلاثة، قالت طائفة من فقهاء التابعين، وهذه المسألة هي مسكوت عنها. وسبب اختلافهم: هل المسح على الخفين هو أصل بذاته في الطهارة، أو بدل من غسل القدمين عند غيبوبتهما في الخفين؟ فإن قلنا هو أصل بذاته، فالطهارة باقية وإن نزع الخفين، كمن قطعت رجلاه بعد غسلهما، وإن قلنا إنه بدل، فيحتمل أن يقال إذا نزع الخف بطلت