حنيفة وأصحابه: ليس فيها عشر. وسبب اختلافهم: كما قلنا هل الزكاة حق الأرض، أو حق الحب؟ فإن قلنا: إنه حق الأرض، لم يجتمع فيها حقان: وهما العشر، والخراج وإن قلنا: الزكاة حق الحب، كان الخراج حق الأرض، والزكاة حق الحب، وإنما يجئ هذا الخلاف فيها، لأنها ملك ناقص كما قلنا، ولذلك اختلف العلماء في جواز بيع أرض الخراج. وأما إذا انتقلت أرض العشر إلى الذمي يزرعها، فإن الجمهور على أنه ليس فيها شئ. وقال النعمان: إذا اشترى الذمي أرض عشر تحولت أرض خراج فكأنه رأى أن العشر هو حق أرض المسلمين، والخراج هو حق أرض الذميين، لكن كان يجب على هذا الأصل، إذا انتقلت أرض الخراج إلى المسلمين أن تعود أرض عشر، كما أن عنده إذا انتقلت أرض العشر إلى الذمي، عادت أرض خراج. ويتعلق بالمالك مسائل أليق المواضع بذكرها هو هذا الباب: أحدها: إذا أخرج المرء الزكاة، فضاعت. والثانية: إذا أمكن اخراجها، فهلك بعض المال قبل الاخراج. والثالثة: إذا مات، وعليه زكاة. والرابعة: إذا باع الزرع، أو الثمر، وقد وجبت فيه الزكاة على من الزكاة؟ وكذلك إذا وهبه.
فأما المسألة الأولى: وهي إذا أخرج الزكاة، فضاعت، فإن قوما قالوا: تجزئ عنه، وقوم قالوا: هو لها ضامن حتى يضعها موضعها، وقوم فرقوا بين أن يخرجها بعد أن أمكنه اخراجها، وبين أن يخرجها أول زمان الوجوب والامكان فقال بعضهم: إن أخرجها بعد أيام من الامكان والوجوب، ضمن، وإن أخرجها في أول الوجوب، ولم يقع منه تفريط، لم يضمن، وهو مشهور مذهب مالك وقول قالوا: إن فرط ضمن، وإن لم يفرط زكى ما بقي، وبه قال أبو ثور والشافعي وقال قوم: بل يعد الذاهب من الجميع، ويبقى المساكين ورب المال شريكين في الباقي بقدر حظهما من حظ رب المال مثل الشريكين يذهب بعض المال المشترك بينهما، ويبقيان شريكين على تلك النسبة في الباقي. فيتحصل في المسألة خمسة أقوال: 1 - قول: إنه لا يضمن بإطلاق. 2 - وقول: إنه يضمن بإطلاق. 3 - وقول: إن فرط، ضمن، وإن لم يفرط، لم يضمن. 4 - وقول: إن فرط، ضمن وإن لم يفرط زكى ما بقي. والقول الخامس: يكونان شريكين في الباقي . وأما المسألة الثانية: إذا ذهب بعض المال بعد الوجوب، وقبل تمكن اخراج الزكاة فقوم قالوا، يزكى ما بقي وقوم قالوا: حال المساكين، وحال رب المال، حال الشريكين، يضيع بعض مالهما. والسبب في اختلافهم: تشبيه الزكاة بالديون، أعني أن يتعلق الحق فيها بالذمة لا بعين المال، أو تشبيهها بالحقوق التي تتعلق بعين المال، لا بذمة الذي يده على المال، كالامناء، وغيرهم، فمن شبه مالكي الزكاة بالامناء قال: إذا أخرج. فهلك المخرج، فلا شئ عليه، ومن شبههم بالغرماء قال: يضمنون ومن فرق بين التفريط، واللا تفريط، ألحقهم بالامناء من جميع الوجوه، إذ كان الأمين يضمن إذا فرط. وأما من قال: