بين لابتيها أهل بيت أحوج إليه منه قال: فضحك النبي (ص) حتى بدت أنيابه، ثم قال:
اذهب فأطعمه أهلك. واختلفوا من ذلك فمواضع: منها هل الافطار متعمدا بالأكل، والشرب حكمه حكم الافطار بالجماع في القضاء، والكفارة، أم لا؟، ومنها إذا جامع ساهيا ماذا عليه؟ ومنها ماذا على المرأة، إذا لم تكن مكرهة؟ ومنها هل الكفارة واجبة فيه مترتبة، أو على التخيير؟ ومنها كم المقدار الذي يجب أن يعطى كل مسكين، إذا كفر بالاطعام؟ ومنها هل الكفارة متكررة بتكرر الجماع، أم لا؟ ومنها إذا لزمه الاطعام. وكان معسرا هل يلزمه الاطعام، إذا أثرى أم لا؟. وشذ قوم: فلم يوجبوا على المفطر عمدا بالجماع إلا القضاء فقط، إما لأنه لم يبلغهم هذا الحديث، وإما لأنه لم يكن الامر عزمة في هذا الحديث، لأنه لو كان عزمة، لوجب إذا لم يستطع الاعتاق، أو الاطعام أن يصوم ولا بد، إذا كان صحيحا على ظاهر الحديث، وأيضا لو كان عزمة، لأعلمه عليه الصلاة والسلام أنه إذا صح أنه يجب عليه الصيام أن لو كان مريضا. وكذلك شذ قوم أيضا، فقالوا: ليس عليه الكفارة فقط، إذ ليس في الحديث ذكر القضاء، والقضاء الواجب بالكتاب إنما هو لمن أفطر ممن يجوز له الفطر، أو ممن لا يجوز له الصوم على الاختلاف الذي قررناه قبل في ذلك، فأما من أفطر متعمدا، فليس في إيجاب القضاء عليه نص، فيلحق في قضاء المتعمد الخلاف الذي لحق في قضاء تارك الصلاة عمدا حتى خرج وقتها، إلا أن الخلاف في هاتين المسألتين شاذ. وأما الخلاف المشهور، فهو في المسائل التي عددناها قبل.
وأما المسألة الأولى: وهي هل تجب الكفارة بالافطار بالأكل، والشرب متعمدا، فإن مالكا، وأصحابه وأبا حنيفة، وأصحابه، والثوري، وجماعة ذهبوا إلى أن من أفطر متعمدا بأكل، أو شر ب أن عليه القضاء، والكفارة المذكورة في هذا الحديث. وذهب الشافعي وأحمد، وأهل الظاهر إلى أن الكفارة، إنما تلزم في الافطار من الجماع فقط. والسبب في اختلافهم: اختلافهم في جواز قياس المفطر بالأكل والشرب، وعلى المفطر بالجماع، فمن رأى أن شبههما فيه واحد، وهو انتهاك حرمة الصوم، جعل حكمهما واحدا. ومن رأى أنه، وإن كانت الكفارة عقابا لانتهاك الحرمة فإنها أشد مناسبة للجماع منها لغيره، وذلك أن العقاب المقصود به الردع، والعقاب الأكبر قد يوضع لما إليه النفس أميل، وهو لها أغلب من الجنايات وإن كانت الجناية متقاربة، إذ كان المقصود من ذلك التزام الناس الشرائع وأن يكونوا أخيارا عدولا، كما قال تعالى: * (كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون) * قال: هذه الكفارة المغلظة خاصة بالجماع، وهذا إذا كان