خديج أنه قال: أسفروا بالصبح، فكلما أسفرتم فهو أعظم للأجر وروي عنه عليه الصلاة والسلام: أنه قال - وقد سئل أي الأعمال أفضل؟ قال: الصلاة لأول ميقاتها وثبت عنه عليه الصلاة والسلام: أنه كان يصلي الصبح، فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس. وظاهر الحديث أنه كان عمله في الأغلب، فمن قال: إن حديث رافع خاص وقوله: الصلاة لأول ميقاتها عام. والمشهور أن الخاص يقضي عن العام إذا هو استثنى من هذا العموم صلاة الصبح، وجعل حديث عائشة محمولا على الجواز، وأنه إنما تضمن الاخبار بوقوع ذلك منه، لا بأنه كان ذلك غالب أحواله (ص) قال: الاسفار أفضل من التغليس، ومن رجح حديث العموم لموافقة حديث عائشة له، ولأنه نص في ذلك، أو ظاهر، وحديث رافع بن خديج محتمل لأنه يمكن أن يريد بذلك تبين الفجر، وتحققه، فلا تكون بينه وبين حديث عائشة، ولا العموم الوارد في ذلك تعارض قال: أفضل الوقت أوله.
وأما من ذهب إلى أن آخر وقتها الاسفار، فإنه تأول الحديث في ذلك أنه لأهل الضرورات:
أعني قوله عليه الصلاة والسلام: من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس، فقد أدرك الصبح وهذا شبيه بما فعله الجمهور في العصر، والعجب أنهم عدلوا عن ذلك في هذا، ووافقوا أهل الظاهر. ولذلك لأهل الظاهر أن يطالبوهم بالفرق بين ذلك.
القسم الثاني من الفصل الأول من الباب الأول فأما أوقات الضرورة والعذر فأثبتها كما قلنا فقهاء الأمصار، ونفاها أهل الظاهر، وقد تقدم سبب اختلافهم في ذلك. اختلف هؤلاء الذين أثبتوها في ثلاثة مواضع: أحدها: لأي الصلوات توجد هذه الأوقات ولأيها لا؟ والثاني: في حدود هذه الأوقات. والثالث: في من هم أهل العذر الذين رخص لهم في هذه الأوقات، وفي أحكامهم في ذلك: أعني من وجوب الصلاة، ومن سقوطها.
المسألة الأولى: اتفق مالك والشافعي على أن هذا الوقت هو لأربع صلوات: للظهر والعصر مشتركا بينهما، والمغرب والعشاء كذلك. وإنما اختلفوا في جهة اشتراكهما على ما سيأتي بعد. وخالفهم أبو حنيفة، فقال: إن هذا الوقت إنما هو للعصر فقط، وإنه ليس هاهنا وقت مشترك. وسبب اختلافهم في ذلك: هو اختلافهم في جواز الجمع بين الصلاتين في السفر في وقت إحداهما على ما سيأتي بعد، فمن تمسك بالنص الوارد في صلاة العصر، أعني الثابت من قوله عليه الصلاة والسلام من أدرك ركعة من صلاة العصر قبل مغيب الشمس، فقد أدرك العصر وفهم من هذا الرخصة، ولم يجز الاشتراك في الجمع لقوله عليه الصلاة والسلام: لا يفوت وقت صلاة حتى يدخل وقت الأخرى ولما سنذكره بعد في باب الجمع من حجج الفريقين قال: إنه لا يكون هذا الوقت إلا لصلاة العصر فقط. ومن أجاز الاشتراك في الجمع في السفر، قاس عليه أهل الضرورات، لان المسافر أيضا صاحب