أن مالكا روى عن يزيد بن رومان قال: كان الناس يقومون في زمان عمر بن الخطاب بثلاث وعشرين ركعة وخرج ابن أبي شيبة عن داود ابن قيس قال: أدركت الناس بالمدينة في زمان عمر بن عبد العزيز، وأبان بن عثمان يصلون ستا وثلاثين ركعة، ويوترون بثلاث وذكر ابن القاسم عن مالك أنه الامر القديم: يعني القيام بست وثلاثين ركعة.
الباب السادس: في صلاة الكسوف اتفقوا على أن صلاة كسوف الشمس سنة، وأنها في جماعة، واختلفوا في صفتها، وفي صفة القراءة فيه، وفي الأوقات التي تجوز فيها، وهل من شروطها الخطبة أم لا؟ وهل كسوف القمر ككسوف الشمس؟ ففي ذلك خمس مسائل أصول في هذا الباب.
المسألة الأولى: ذهب مالك والشافعي، وجمهور أهل الحجاز، وأحمد أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان وذهب أبو حنيفة والكوفيون إلى أن صلاة الكسوف ركعتان على هيئة صلاة العيد والجمعة. والسبب في اختلافهم: اختلاف الآثار الواردة في هذا الباب، ومخالفة القياس لبعضها، وذلك أنه ثبت من حديث عائشة أنها قالت: خسفت الشمس في عهد رسول الله (ص)، فصلى بالناس فقام، فأطال القيام، ثم ركع، فأطال الركوع، ثم قام، فأطال القيام، وهو دون القيام الأول، ثم ركع، فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم رفع فسجد، ثم رفع فسجد، ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك ثم انصرف، وقد تجلت الشمس. ولما ثبت أيضا من هذه الصفة في حديث ابن عباس أعني: من ركوعين في ركعة. قال أبو عمر: هذان الحديثان من أصح ما روي في هذا الباب، فمن أخذ بهذين قبل النقل قال: صلاة الكسوف ركعتان في ركعة.
وورد أيضا من حديث أبي بكرة، وسمرة بن جندب، وعبد الله بن عمر، والنعمان بن بشير أنه صلى في الكسوف ركعتين كصلاة العيد. قال أبو عمر بن عبد البر، وهي كلها آثار مشهورة صحاح، ومن أحسنها حديث أبي قلابة عن النعمان بن بشير قال: صلى بنا رسول الله (ص) في الكسوف نحو صلاتكم يركع، ويسجد ركعتين ركعتين، ويسأل الله حتى تجلت الشمس. فمن رجح هذه الآثار لكثرتها، وموافقتها للقياس: أعني موافقتها لسائر الصلوات، قال: صلاة الكسوف ركعتان. قال القاضي: خرج مسلم حديث سمرة. قال أبو عمر: وبالجملة فإنما صار كل فريق منهم إلى ما ورد عن سلفه، ولذلك رأى بعض أهل العلم أن هذا كله على التخيير، وممن قال بذلك الطبري. قال القاضي: وهو الأولى، فإن الجمع أولى من الترجيح. قال أبو عمر: وقد روي في صلاة الكسوف عشر ركعات في ركعتين وثمان ركعات في ركعتين، وست ركعات في ركعتين، وأربع ركعات في ركعتين، لكن من طرق ضعيفة قال أبو بكر بن المنذر، وقال إسحاق بن راهويه: كل ما ورد من