فيخرص عليهم النخل حين يطيب قبل أن يؤكل منه. وخرص الثمار لم يخرجه الشيخان، وكيفما كان، فالخرص مستثنى من تلك الأصول هذا إن ثبت أنه كان منه عليه الصلاة والسلام حكما منه على المسلمين، فإن الحكم لو ثبت على أهل الذمة، ليس يجب أن يكون حكما عاما على المسلمين إلا بدليل، والله أعلم. ولو صح حديث عتاب بن أسيد لكان جواز الخرص بينا، والله أعلم. وحديث عتاب بن أسيد هو أنه قال: أمرني رسول الله (ص) أن أخرص العنب، وآخذ زكاته زبيبا، كما تؤخذ زكاة النخل تمرا وحديث عتاب بن أسيد طعن فيه، لان راويه عنه هو سعيد بن المسيب، وهو لم يسمع منه، ولذلك لم يجز داود خرص العنب. واختلف من أوجب الزكاة في الزيتون في جواز خرصه. والسبب في اختلافهم:
اختلافهم في قياسه في ذلك على النخل، والعنب والمخرج عند الجميع من النخل في الزكاة، هو التمر، لا الرطب، وكذلك الزبيب من العنب، لا العنب نفسه، وكذلك عند القائلين بوجوب الزكاة في الزيتون، هو الزيت، لا الحب قياسا على التمر، والزبيب. وقال مالك في العنب الذي لا يتزبب، والزيتون الذي لا ينعصر أرى أن يؤخذ منه حبا.
وأما المسألة الثالثة: فإن مالكا، وأبا حنيفة قالا: يحسب على الرجل ما أكل من ثمره، وزرعه قبل الحصاد في النصاب وقال الشافعي: لا يحسب عليه، ويترك الخارص لرب المال ما يأكل هو، وأهله. والسبب في اختلافهم: ما يعار ض الآثار في ذلك من الكتاب والقياس: أما السنة في ذلك، فما رواه سهل بن أبي حثمة أن النبي (ص) بعث أبا حثمة خارصا، فجاء رجل، فقال: يا رسول الله إن أبا حثمة قد زاد علي، فقال رسول الله (ص):
إن ابن عمك يزعم أنك زدت عليه فقال: يا رسول الله لقد تركت له قدر عرية أهله، وما يطعمه المساكين، وما تسقطه الريح، فقال: قد زادك ابن عمك، وأنصفك. وروي أن رسول الله (ص) قال: إذا خرصتم، فدعوا الثلث، فإن لم تدعوا الثلث، فدعوا الربع. وروي عن جابر أن رسول الله (ص) قال: خففوا في الخرص، فإن في المال العرية، والآكلة، والوصية والعامل، والنوائب، وما وجب في التمر من الحق. وأما الكتاب المعارض لهذه الآثار، والقياس فقوله تعالى: * (كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده) *. وأما القياس، فلانه مال، فوجبت فيه الزكاة أصله سائر الأموال فهذه هي المسائل المشهورة التي تتعلق بقدر الواجب في الزكاة. والواجب منه في هذه الأجناس الثلاثة التي الزكاة مخرجة من أعيانها لم يختلفوا أنها إذا خرجت من الأعيان أنفسها أنها مجزئة. واختلفوا هل يجوز فيها أن يخرج بدل العين القيمة، أو لا يجوز؟ فقال مالك والشافعي: لا يجوز اخراج القيم في الزكوات بدل المنصوص عليه في الزكوات وقال أبو حنيفة: يجوز، سواء قدر على