التخصيص. واختلف العلماء في وجوب الجمعة بعرفة ومنى، فقال مالك: لا تجب الجمعة بعرفة ولا بمنى إلا أيام الحج لا لأهل مكة ولا لغيرهم إلا أن يكون الامام من أهل عرفة. وقال الشافعي مثل ذلك، إلا أنه يشترط في وجوب الجمعة أن يكون هنالك من أهل عرفة أربعون رجلا على مذهبه في اشتراط هذا العدد في الجمعة. وقال أبو حنيفة: إذا كان أمير الحج ممن لا يقصر الصلاة بمنى ولا بعرفة صلبهم فيها الجمعة إذا صادفها.
وقال أحمد: إذا كان والي مكة يجمع بهم، وبه قال أبو ثور.
وأما شروطه: فهو الوقوف بعرفة بعد الصلاة، وذلك أنه لم يختلف العلماء أن رسول الله (ص) بعد ما صلى الظهر والعصر بعرفة ارتفع فوقف بجبالها داعيا إلى الله تعالى، ووقف معه كل من حضر إلى غروب الشمس، وأنه لما استيقن غروبها وبان له ذلك دفع منها إلى المزدلفة ولا خلاف بينهم أن هذا هو سنة الوقوف بعرفة. وأجمعوا على أن من وقف بعرفة قبل الزوال وأفاض منها قبل الزوال أنه لا يعتد بوقوفه ذلك، وأنه إن لم يرجع فيقف بعد الزوال أو يقف من ليلته تلك قبل طلوع الفجر فقد فاته الحج. وروي عن عبد الله بن معمر الديلي قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: الحج عرفات، فمن أدرك عرفة قبل أن يطلع الفجر فقد أدرك وهو حديث انفرد به هذا الرجل من الصحابة إلا أنه مجمع عليه، واختلفوا فيمن وقف بعرفة بعد الزوال ثم دفع منها قبل غروب الشمس، فقال مالك: عليه حج قابل إلا أن يرجع قبل الفجر، وإن دفع منها قبل الامام وبعد الغيبوبة أجزأه وبالجملة فشرط صحة الوقوف عنده هو أن يقف ليلا. وقال جمهور العلماء: من وقف بعرفة بعد الزوال فحجه تام وإن دفع قبل الغروب، إلا أنهم اختلفوا في وجوب الدم عليه، وعمدة الجمهور حديث عروة بن مضرس، وهو حديث مجمع على صحته قال:
أتيت رسول الله (ص) بجمع فقلت له: هل لي من حج؟ فقال: من صلى هذه الصلاة معنا ووقف هذا الموقف حتى نفيض أو أفاض قبل ذلك من عرفات ليلا أو نهارا فقد تم حجه وقضى تفثه وأجمعوا على أن المراد بقوله في هذا الحديث نهارا أنه بعد الزوال، ومن اشترط الليل احتج بوقوفه بعرفة (ص) حين غربت الشمس، لكن للجمهور أن يقولوا إن وقوفه بعرفة إلى المغيب قد نبأ حديث عروة بن مضرس أنه على جهة الأفضل إذ كان مخيرا بين ذلك. وروي عن النبي (ص) من طرق أنه قال: عرفة كلها موقف وارتفعوا عن بطن عرنة، والمزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر، ومنى كلها منحر، وفجاج مكة منحر ومبيت واختلف العلماء فيمن وقف من عرفة بعرنة فقيل حجه تام وعليه دم، وبه قال مالك، وقال الشافعي: لا حج له. وعمدة من أبطل الحج النهي الوارد عن ذلك في الحديث. وعمدة من لم يبطله أن الأصل أن الوقوف بكل عرفة جائز إلا ما قام عليه الدليل، قالوا: ولم يأت هذا الحديث من وجه تلزم به الحجة والخروج عن الأصل، فهذا