من شرطه وجود العمل معه، ومنهم من لم يشترط ذلك حتى لو لم يلفظ بالشهادة، إذا صدق بها، فحكمه حكم المؤمن عند الله. والجمهور، وهم أهل السنة على أنه ليس يشترط فيه، أعني في اعتقاد الايمان الذي ضده الكفر من الأعمال إلا التلفظ بالشهادة فقط، لقوله (ص) أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، ويؤمنوا بي. فاشترط مع العلم القول، وهو عمل من الأعمال، فمن شبه سائر الأفعال الواجبة بالقول، قال: جميع الأعمال المفروضة شرط في العلم الذي هو الايمان، ومن شبه القول بسائر الأعمال التي اتفق الجمهور على أنها ليست شرطا في العلم الذي هو الايمان قال: التصديق فقط هو شرط الايمان، وبه يكون حكمه عند الله تعالى حكم المؤمن. والقولان شاذان، واستثناء التلفظ بالشهادتين من سائر الأعمال، هو الذي عليه الجمهور.
الجملة الثانية وأما ما تجب فيه الزكاة من الأموال، فإنهم اتفقوا منها على أشياء، واختلفوا في أشياء. أما ما اتفقوا عليه، فصنفان من المعدن: الذهب، والفضة اللتين ليستا بحلي، وثلاثة أصناف من الحيوان الإبل، والبقر، والغنم. وصنفان من الحبوب: الحنطة، والشعير، وصنفان من الثمر: التمر والزبيب، وفي الزيت خلاف شاذ. والذي اختلفوا فيه من الذهب، هو الحلي فقط: وذلك أنه ذهب فقهاء الحجاز: مالك، والليث، والشافعي إلى أنه لا زكاة فيه، إذا أريد للزينة واللباس وقال أبو حنيفة وأصحابه فيه الزكاة. والسبب في اختلافهم: تردد شبه بين العروض، وبين التبر، والفضة اللتين المقصود منهما المعاملة في جميع الأشياء، شبهه بالتبر والفضة، فمن شبهه بالعروض التي المقصود منها المنافع أولا، قال: ليس فيه زكاة، ومن شبهه بالتبر، والفضة التي المقصود فيها المعاملة بها أولا، قال: فيه الزكاة.
ولاختلافهم أيضا سبب آخر: وهو اختلاف الآثار في ذلك، وذلك أنه روى جابر عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ليس في الحلي زكاة وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن امرأة أتت إلى رسول الله (ص)، ومعها ابنة لها، وفي يد ابنتها مسك من ذهب فقال لها: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا، قال: أيسرك أن يسورك الله بهما يوم القيامة سوارين من نار؟ فخلعتهما، وألقتهما إلى النبي (ص)، وقالت: هما لله ولرسوله والأثران ضعيفان، وبخاصة حديث جابر، ولكون السبب الا ملك، لاختلافهم تردد الحلي المتخذ للباس بين التبر، والفضة اللذين المقصود منهما أولا المعاملة، لا الانتفاع وبين العروض المقصود منها التي بالوضع الأول خلاف المقصود من التبر والفضة، أعني الانتفاع بها، لا المعاملة، وأعني بالمعاملة كونها ثمنا. واختلف قول مالك في الحلي المتخذ للكراء، فمرة شبهه بالحلي المتخذ من اللباس، ومرة شبهه بالتبر المتخذ للمعاملة.
وأما ما اختلفوا فيه من الحيوان: فمنه ما اختلفوا في نوعه، ومنه ما اختلفوا في صنفه. أما ما اختلفوا في نوعه: فالخيل، وذلك أن الجمهور على أن لا زكاة في الخيل، فذهب أبو حنيفة