الكلب غير معلومة، وقد يمسك لسيده ثم يبدو له فيمسك لنفسه، وهذا الذي قالوه خلاف النص في الحديث وخلاف ظاهر الكتاب، وهو قوله تعالى: * (فكلوا مما أمسكن عليكم) * وللامساك على سيد الكلب طريق تعرف به، وهو العادة، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: فإن أكل فلا تأكل فإني أخاف أن يكون إنما أمسك على نفسه. وأما اختلافهم في الازدجار فليس له سبب إلا اختلافهم في قياس سائر الجوار في ذلك على الكلب، لان الكلب الذي لا يزدجر لا يسمى معلما باتفاق، فأما سائر الجوارح إذا لم تنزجر هل تسمى معلمة أم لا؟ ففيه التردد وهو سبب الخلاف.
الباب الثالث: في معرفة الذكاة المختصة بالصيد وشروطها واتفقوا على أن الذكاة المختصة بالصيد هي العقر. واختلفوا في شروطها اختلافا كثيرا، وإذا اعتبر ت أصولها التي هي أسباب الاختلاف سوى الشروط المشترطة في الآلة وفي الصائد وجدتها ثمانية شروط: اثنان يشتركان في الذكاتين أعني ذكاة المصيد وغير المصيد وهي النية والتسمية. وستة تختص بهذه الذكاة: أحدها: أنها إن لم تكن الآلة أو الجارح الذي أصاب الصيد قد أنفذ مقاتله فإنه يجب أن يذكى بذكاة الحيوان الانسي إذا قدر عليه قبل أن يموت مما أصابه من الجارح أو من الضرب. وأما إن كان قد أنفذ مقاتله فليس يجب ذلك وإن كان قد يستحب. والثاني: أن يكون الفعل الذي أصيب به الصيد مبدؤه من الصائد لا من غيره: أعني لا من الآلة كالحال في الحبالة، ولا من الجارح كالحال فيما يصيب الكلب الذي ينشلي من ذاته. والثالث: أن لا يشاركه في العقر من ليس عقره ذكاة. والرابع: أن لا يشك في عين الصيد الذي أصابه وذلك عند غيبته عن عينه.
والخامس: أن لا يكون الصيد مقدورا عليه في وقت الارسال عليه. والسادس: أن لا يكون موته من رعب من الجارح أو بصدمة منه. فهذه هي أصول الشروط التي من قبل اشتراطها أو لا اشتراطها عرض الخلاف بين الفقهاء، وربما اتفقوا على وجوب بعض هذه الشروط.
ويختلفون في وجودها في نازلة نازلة، كاتفاق المالكية على أن من شرط الفعل أن يكون مبدؤه من الصائد. واختلافهم إذا أفلت الجارح من يده أو خرج بنفسه، ثم أغراه هل يجوز ذلك الصيد أم لا لتردد هذه الحال بين أن يوجد لها هذا الشرط أو لا يوجد كاتفاق أبي حنيفة ومالك على أن من شرطه إذا أدرك غير منفوذ المقاتل أن يذكى إذا قدر عليه قبل أن يموت. واختلافهم بين أن يخلصه حيا فيموت في يده قبل أن يتمكن من ذكاته، فإن أبا حنيفة منع هذا وأجازه مالك ورآه مثل الأول، أعني إذا لم يقدر على تخليصه من الجارح حتى مات لتردد هذه الحال بين أن يقال أدركه غير منفوذ المقاتل وفي غير يد