فأحوال، أعني أنه إن كان حولا تجب فيه زكاة واحدة، وإن أحوالا وجبت فيه الزكاة لعدة تلك الأحوال. وقوم قالوا: يزكيه لعام واحد، وإن أقام الدين أحوالا عند الذي عنده الدين وقوم قالوا: يستقبل به الحول وأما من قال يستقبل بالدين الحول من يوم قبض فلم يقل بإيجاب الزكاة في الدين. ومن قال فيه الزكاة بعدد الأحوال التي أقام، فمصيرا إلى تشبيه الدين بالمال الحاضر. وأما من قال: الزكاة فيه لحول واحد، وإن أقام أحوالا فلا أعرف له مستندا في وقتي هذا، لأنه لا يخلو ما دام دينا أن يقول إن فيه زكاة، أو لا يقول ذلك، فإن لم يكن فيه زكاة، فلا كلام، بل يستأنف به، وإن كان فيه زكاة، فلا يخلو أن يشترط فيها الحول، أو لا يشترط ذلك. فإن اشترطنا، وجب أن يعتبر عدد الأحوال، إلا أن يقول كلما انقضى حول، فلم يتمكن من أدائه سقط عنه ذلك الحق اللازم في ذلك الحول، فإن الزكاة وجبت بشرطين: حضور عين المال، وحلول الحول، فلم يبق إلا حق العام الأخير. وهذا يشبهه مالك بالعروض التي للتجارة، فإنها لا تجب عنده فيها زكاة إلا إذا باعها، وإن أقامت عنده أحوالا كثيرة، وفيه ما شبه بالماشية التي لا يأتي الساعي أعواما إليها، ثم يأتي، فيجدها قد انقضت، فإنه يزكي على مذهب مالك الذي وجد فقط، لأنه لما أن حال عليها الحول فيما تقدم، ولم يتمكن من اخراج الزكاة، إذ كان مجئ الساعي شرطا عنده في اخراجها مع حلول الحول، سقط عنه حق ذلك الحول الحاضر، وحوسب به في الأعوام السالفة كان الواجب فيها أقل، أو أكثر إذا كانت مما تجب فيه الزكاة، وهو شئ يجري على غير قياس، وإنما اعتبر مالك فيه العمل. وأما الشافعي، فيراه ضامنا، لأنه ليس مجئ الساعي شرطا عنده في الوجوب. وعلى هذا كل من رأى أنه لا يجوز أن يخرج زكاة ماله إلا بأن يدفعها إلى الامام فعدم الامام، أو عدم الإمام العادل إن كان ممن شرط العدالة في ذلك أنه إن هلكت بعد انقضاء الحول، وقبل التمكن من دفعها إلى الامام، فلا شئ عليه. ومالك تنقسم عنده زكاة الديون لهذه الأحوال الثلاثة، أعني أن من الديون عنده ما يزكى لعام واحد فقط مثل ديون التجارة، ومنها ما يستقبل بها الحول مثل ديون المواريث، والثالث دين المدير. وتحصيل قوله في الديون ليس بغرضنا.
المسألة الخامسة: وهي حول العروض، وقد تقدم القول فيها عند القول في نصاب العروض.
وأما المسألة السادسة: وهي فوائد الماشية، فإن مذهب مالك فيها بخلاف مذهبه في فوائد الناض، وذلك أنه يبني الفائدة على الأصل إذا كان الأصل نصابا، كما يفعل أبو حنيفة في فائدة الدراهم، وفي فائدة الماشية. فأبو حنيفة مذهبه في الفوائد حكم واحد: أعني أنها تبنى على الأصل، إذا كانت نصابا، كانت فائدة غنم، أو فائدة ناض، والأرباح عنده والنسل كالفوائد وأما مالك، فالربح، والنسل عنده حكمهما واحد، ويفرق بين فوائد الناض،