إيجاب دليل الخطاب، وهو تعليق ضد الحكم بضد مفهوم الاسم، وهذا النوع من أنواع الخطاب هو من أضعفها أنهم قالوا: ما قال به أحد من المتكلمين إلا الدقاق فقط إلا أن يقول القائل إن الأصل هو الحظر في الذبح، وقد ثبت جوازه بالنهار، فعلى من جوزه بالليل الدليل. وأما الذابح فإن العلماء استحبوا أن يكون المضحي هو الذي يلي ذبح أضحيته بيده، واتفقوا على أنه يجوز أن يوكل غيره على الذبح. واختلفوا هل تجوز الضحية إن ذبحها غيره بغير إذنه، فقيل لا تجوز، وقيل بالفرق بين أن يكون صديقا أو ولدا أو أجنبيا، أعني أنه يجوز إن كان صديقا أو ولدا، ولم يختلف المذهب فيما أحسب أنه إن كان أجنبيا أنها لا تجوز.
الباب الرابع: في أحكام لحوم الضحايا واتفقوا على أن المضحي مأمور أن يأكل من لحم أضحيته ويتصدق لقوله تعالى:
* (فكلوا منها وأطعموا البائس الفقير) * وقوله تعالى: * (وأطعموا القانع والمعتر) * ولقوله (ص) في الضحايا كلوا وتصدقوا وادخروا واختلف مذهب مالك هل يؤمر بالأكل والصدقة معا، أم هو مخير بين أن يفعل أحد الامرين؟ أعني أن يأكل الكل أو يتصدق بالكل؟ وقال ابن المواز: له أن يفعل أحد الامرين، واستحب كثير من العلماء أن يقسمها أثلاثا: ثلثا للادخار، وثلثا للصدقة، وثلثا للأكل لقوله عليه الصلاة والسلام: فكلوا وتصدقوا وادخروا وقال عبد الوهاب في الأكل إنه ليس بواجب في المذهب خلافا لقوم أوجبوا ذلك، وأظن أهل الظاهر يوجبون تجزئة لحوم الضحايا إلى الأقسام الثلاثة التي يتضمنها الحديث والعلماء متفقون - فيما علمت - أنه لا يجوز بيع لحمها، واختلفوا في جلدها وشعرها وما عدا ذلك مما ينتفع به منها، فقال الجمهور: لا يجوز بيعه، وقال أبو حنيفة: يجوز بيعه بغير الدراهم والدنانير : أي العروض. وقال عطاء: يجوز بكل شئ دراهم ودنانير وغير ذلك، وإنما فرق أبو حنيفة بين الدراهم وغيرها، لأنه رأى أن المعاوضة بالعروض هي من باب الانتفاع لإجماعهم على أنه يجوز أن ينتفع به. وهذا القدر كاف في قواعد هذا الكتاب والحمد لله.