وفوائد الماشية. وأما الشافعي، فالأرباح، والفوائد عنده حكمهما واحد باعتبار حولهما بأنفسهما وفوائد الماشية ونسلها واحد باعتبار حولهما بالأصل، إذا كان نصابا فهذا هو تحصيل مذاهب هؤلاء الفقهاء الثلاثة، وكأنه إنما فرق مالك بين الماشية، والناض اتباعا لعمر، وإلا فالقياس فيهما واحد، أعني أن الربح شبيه بالنسل، والفائدة بالفائدة، وحديث عمر هذا، هو أنه أمر أن يعد عليهم بالسخال، ولا يأخذ منها شيئا، وقد تقدم الحديث في باب النصاب.
المسألة السابعة: وهي اعتبار حول نسل الغنم، فإن مالكا قال: حول النسل هو حول الأمهات كانت الأمهات نصابا، أو لم تكن، كما قال في ربح الناض. وقال الشافعي، وأبو حنيفة، وأبو ثور: لا يكون حول النسل حول الأمهات إلا أن تكون الأمهات نصابا. وسبب اختلافهم: هو بعينه سبب اختلافهم في ربح المال.
وأما المسألة الثامنة: وهي جواز اخراج الزكاة قبل الحول، فإن مالكا منع ذلك وجوزه أبو حنيفة، والشافعي. وسبب الخلاف: هل هي عبادة، أو حق واجب للمساكين، فمن قال: عبادة، وشبهها بالصلاة، لم يجز اخراجها قبل الوقت، ومن شبهها بالحقوق الواجبة المؤجلة، أجاز اخراجها قبل الاجل على جهة التطوع. وقد احتج الشافعي لرأيه بحديث علي: أن النبي عليه الصلاة والسلام استسلف صدقة العباس قبل محلها.
الجملة الخامسة] فيمن تجب له الصدقة. والكلام في هذا الباب في ثلاثة فصول:
الأول: في عدد الأصناف الذين تجب لهم. الثاني: في صفتهم التي تقتضي ذلك. الثالث:
كم يجب لهم؟
الفصل الأول: في عدد الأصناف الذين تجب لهم الزكاة فأما عددهم، فهم الثمانية الذين نص الله عليهم في قوله تعالى: * (إنما الصدقات للفقراء والمساكين) * الآية. واختلفوا من العدد في مسألتين. إحداهما: هل يجوز أن تصرف جميع الصدقة إلى صنف واحد من هؤلاء الأصناف؟ أم هم شركاء في الصدقة لا يجوز أن يخص منهم صنف دون صنف؟. فذهب مالك، وأبو حنيفة إلى أنه يجوز للامام أن يصرفها في صنف واحد، أو أكثر من صنف واحد، إذا رأى ذلك بحسب الحاجة وقال الشافعي: لا يجوز ذلك، بل يقسم على الأصناف الثمانية، كما سمى الله تعالى. وسبب اختلافهم: معارضة اللفظ للمعنى، فإن اللفظ يقتضي القسمة بين جميعهم، والمعنى يقتضي أن يؤثر بها أهل الحاجة، إذ كان المقصود به سد الخلة فكأن تعديدهم في الآية عند هؤلاء،