مال رجل واحد. وسبب اختلافهم: الاجماع الذي في قوله عليه الصلاة والسلام ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة فإن هذا القدر يمكن أن يفهم منه أنه إنما يخصه هذا الحكم، إذا كان لمالك واحد فقط، ويمكن أن يفهم منه أنه يخصه هذا الحكم كان لمالك واحد أو أكثر من مالك واحد، إلا أنه لما كان مفهوم اشتراط النصاب إنما هو الرفق، فواجب أن يكون النصاب من شرطه أن يكون لمالك واحد، وهو الأظهر. والله أعلم.
والشافعي كأنه شبه الشركة بالخلطة، ولكن تأثير الخلطة في الزكاة غير متفق عليه على ما سيأتي بعد.
وأما المسألة الخامسة: وهي اختلافهم في اعتبار النصاب في المعدن، وقدر الواجب فيه، فإن مالكا، والشافعي راعيا النصاب في المعدن، وإنما الخلاف بينهما أن مالكا لم يشترط الحول، واشترطه الشافعي على ما سنقول بعد في الجملة الرابعة. وكذلك لم يختلف قولهما إن الواجب فيما يخرج منه هو ربع العشر وأما أبو حنيفة فلم ير فيه نصابا، ولا حولا، وقال: الواجب هو الخمس. وسبب الخلاف في ذلك: هل اسم الركاز يتناول المعدن، أم لا يتناوله؟ لأنه قال عليه الصلاة والسلام وفي الركاز الخمس. وروى أشهب عن مالك أن المعدن الذي يوجد بغير عمل أنه ركاز، وفيه الخمس. فسبب اختلافهم في هذا هو اختلافهم في دلالة اللفظ، وهو أحد أسباب الاختلافات العامة التي ذكرناها.
الفصل الثاني: في نصاب الإبل والواجب فيه وأجمع المسلمون على أن في كل خمس من الإبل شاة إلى أربع وعشرين، فإذا كانت خمسا وعشرين، ففيها ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين، فإن لم تكن ابنة مخاض، فابن لبون ذكر، فإذا كانت ستا وثلاثين، ففيها بنت لبون إلى خمس وأربعين، فإذا كانت ستا وأربعين، ففيها حقة إلى ستين فإذا كانت واحدا وستين ففيها جذعة إلى خمس وسبعين فإذا كانت ستا وسبعين ففيها ابنتا لبون إلى تسعين، فإذا كانت واحدا وتسعين، ففيها حقتان إلى عشرين ومائة لثبوت هذا كله في كتاب الصدقة الذي أمر به رسول الله (ص)، وعمل به بعده أبو بكر، وعمر.
واختلفوا منها في مواضع: منها فيما زاد على العشرين والمائة، ومنها إذا عدم السن الواجبة عليه، وعنده السن الذي فوقه، أو الذي تحته ما حكمه؟ ومنها هل تجب الزكاة في صغار الإبل؟ وإن وجبت فما الواجب؟.
فأما المسألة الأولى: وهي اختلافهم فيما زاد على المائة وعشرين، فإن مالكا قال:
إذا زادت على عشرين ومائة واحدة، فالمصدق بالخيار إن شاء أخذ ثلاث بنات لبون، وإن شاء أخذ حقتين إلى أن تبلغ ثلاثين ومائة، فيكون فيها حقة، وابنتا لبون. وقال ابن القاسم