القبلة، واختلفوا في جواز التيمم لها إذا خيف فواتها، فقال قوم: يتيمم ويصلي لها، إذا خاف الفوات، وبه قال أبو حنيفة وسفيان والأوزاعي وجماعة. وقال مالك والشافعي وأحمد:
لا يصلي عليها بتيمم. وسبب اختلافهم قياسها في ذلك على الصلاة المفروضة فمن شبهها بها أجاز التيمم، أعني من شبه ذهاب الوقت بفوات الصلاة على الجنازة، ومن لم يشبهها بها لم يجز التيمم لأنها عتده من فروض الكفاية أمن سنن الكفاية على اختلافهم في ذلك، وشذ قوم فقالوا: يجوز أن يصلى على الجنازة بغير طهارة، وهو قول الشعبي، وهؤلاء ظنوا أن اسم الصلاة لا يتناول صلاة الجنازة، وإنما يتناولها اسم الدعاء، إذ كان ليس فيها ركوع ولا سجود.
الباب السادس: في الدفن وأجمعوا على وجوب الدفن، والأصل فيه قوله تعالى: * (ألم نجعل الأرض كفاتا أحياء وأمواتا) * وقوله: * (فبعث الله غرابا يبحث في الأرض) * وكره مالك والشافعي تجصيص القبور وأجاز ذلك أبو حنيفة، وكذلك كره قوم القعود عليها وقوم أجازوا ذلك وتأولوا النهي عن ذلك أنه القعود عليها لحاجة الانسان. والآثار الواردة في النهي عن ذلك منها حديث جابر بن عبد الله قال: نهى رسول الله (ص) عن تجصيص القبور، والكتابة عليها، والجلوس عليها، والبناء عليها ومنها حديث عمرو بن حزم قال: رآني رسول الله (ص) على قبر، فقال: انزل عن القبر، لا تؤذي صاحب القبر، ولا يؤذيك. واحتج من أجاز القعود على القبر بما روي عن زيد بن ثابت أنه قال: إنما نهى رسول الله (ص) عن الجلوس على القبر لحدث أو غائط، أو بول قالوا: ويؤيد ذلك ما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (ص): من جلس على قبر يبول. أو يتغوط، فكأنما جلس على جمرة من نار. وإلى ذلك ذهب مالك، وأبو حنيفة، والشافعي.