والبخاري عن عائشة أنها قالت: لقد رأيتني بين يدي رسول الله (ص) معترضة كاعتراض الجنازة وهو يصلي وروي مثل قول الجمهور عن علي، وعن أبي. ولا خلاف بينهم في كراهية المرور بين يدي المنفرد، والامام إذا صلى لغير سترة، أو مر بينه وبين السترة، ولم يروا بأسا أن يمر خلف السترة، وكذلك لم يروا بأسا أن يمر بين يدي المأموم لثبوت حديث ابن عباس وغيره قال: أقبلت راكبا على أتان وأنا يومئذ قد ناهزت الاحتلام ورسول الله (ص) يصلي بالناس، فمررت بين يدي بعض الصفوف، فنزلت، وأرسلت الأتان ترتع، ودخلت في الصف، فلم ينكر ذلك علي أحد وهذا عندهم يجري مجرى المسند، وفيه نظر، وإنما اتفق الجمهور على كراهية المرور بين يدي المصلي لما جاء فيه من الوعيد في ذلك، ولقوله عليه الصلاة والسلام فيه: فليقاتله، فإنما هو شيطان.
المسألة الثالثة: اختلفوا في النفخ في الصلاة على ثلاثة أقوال: فقوم كرهوه، ولم يروا الإعادة على من فعله وقوم أوجبوا الإعادة على من نفخ وقوم فرقوا بين أن يسمع أو لا يسمع. وسبب اختلافهم: تردد النفخ بين أن يكون كلاما، أو لا يكون كلاما.
المسألة الرابعة: اتفقوا على أن الضحك يقطع الصلاة، واختلفوا في التبسم. وسبب اختلافهم: تردد التبسم بين أن يلحق بالضحك، أو لا يلحق به.
المسألة الخامسة: اختلفوا في صلاة الحاقن، فأكثر العلماء يكرهون أن يصلي الرجل وهو حاقن لما روي من حديث زيد بن أرقم قال: سمعت رسول الله (ص) يقول: إذا أراد أحدكم الغائط، فليبدأ به قبل الصلاة ولما روي عن عائشة عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: لا يصلي أحدكم بحضرة الطعام، ولا هو يدافعه الأخبثان يعني الغائط والبول. ولما ورد من النهي عن ذلك عن عمر أيضا، وذهب قوم إلى أن صلاته فاسدة، وأنه يعيد، وروى ابن القاسم عن مالك ما يدل على أن صلاته فاسدة، وأنه يعيد، وروى ابن القاسم عن مالك ما يدل على أن صلاة الحاقن فاسدة، وذلك أنه روى عنه أنه أمره بالإعادة في الوقت وبعد الوقت. والسبب في اختلافهم: اختلافهم في النهي هل يدل على فساد المنهي عنه أم ليس يدل على فساده وإنما يدل على تأثيم من فعله فقط إذا كان أصل الفعل الذي تعلق النهي به واجبا أو جائزا؟ وقد تمسك القائلون بفساد صلاته بحديث رواه الشاميون منهم من يجعله عن ثوبان، ومنهم من يجعله عن أبي هريرة عن النبي (ص) قال: لا يحل لمؤمن أن يصلي وهو حاقن جدا قال أبو عمر بن عبد البر: هو حديث ضعيف السند لا حجة فيه.
المسألة السادسة: اختلفوا في رد سلام المصلي على من سلم عليه، فرخصت فيه طائفة منهم سعيد بن المسيب والحسن بن أبي الحسن البصري وقتادة ومنع ذلك قوم بالقول، وأجازوا الرد بالإشارة، وهو مذهب مالك والشافعي ومنع آخرون رده بالقول