أعلم فيها خلافا، وعامة الفقهاء متفقون على أن من شرط هذه الفريضة إذن الأبوين فيها، إلا أن تكون عليه فرض عين مثل أن لا يكون هنالك من يقوم بالفرض إلا بقيام الجميع به.
والأصل في هذا ما ثبت أن رجلا قال لرسول الله (ص): إني أريد الجهاد، قال: أحي والداك؟ قال نعم، قال: ففيهما فجاهد واختلفوا في إذن الأبوين المشركين. وكذلك اختلفوا في إذن الغريم إذا كان عليه دين لقوله عليه الصلاة والسلام وقد سأله الرجل:
أيكفر الله عني خطاياي إن مت صابرا محتسبا في سبيل الله؟ قال: نعم.. إلا الدين كذلك قال لي جبريل آنفا والجمهور على جواز ذلك. وبخاصة إذا تخلف وفاء من دينه.
الفصل الثاني: في معرفة الذين يحاربون فأما الذين يحاربون فاتفقوا على أنهم جميع المشركين لقوله تعالى: * (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله) * إلا ما روي عن مالك أنه قال: لا يجوز ابتداء الحبشة بالحرب ولا الترك، لما روي أنه عليه الصلاة والسلام قال ذروا الحبشة ما وذرتكم وقد سأل مالك عن صحة هذا الأثر فلم يعترف بذلك، لكن قال: لم يزل الناس يتحامون غزوهم.
الفصل الثالث: في معرفة ما يجوز من النكاية في العدو وأما ما يجوز من النكاية في العدو، فإن النكاية لا تخلو أن تكون في الأموال أو في النفوس أو في الرقاب، أعني الاستعباد والتملك. فأما النكاية التي هي الاستعباد فهي جائزة بطريق الاجماع في جميع أنواع المشركين، أعني ذكرانهم وإناثهم وشيوخهم وصبيانهم صغارهم وكبارهم إلا الرهبان، فإن قوما رأوا أن يتركوا ولا يؤسروا بل يتركوا دون أن يعرض إليهم لا بقتل ولا باستعباد لقول رسول الله (ص) فذرهم وما حبسوا أنفسهم إليه واتباعا لفعل أبي بكر. وأكثر العلماء على أن الامام مخير في الأسارى في خصال: منها أن يمن عليهم، ومنها أن يستعبدهم، ومنها أن يقتلهم، ومنها أن يأخذ منهم الفداء، ومنها أن يضرب عليهم الجزية. وقال قوم: لا يجوز قتل الأسير. وحكى الحسن بن محمد التميمي أنه إجماع الصحابة. والسبب في اختلافهم: تعارض الآية في هذا المعنى، وتعارض الأفعال، ومعارضة ظاهر الكتاب لفعله عليه الصلاة والسلام، وذلك أن ظاهر قوله تعالى:
* (فإذا لقيتم الذين كفروا فضرب الرقاب) * الآية أنه ليس للامام بعد الأسر إلا المن أو الفداء وقوله تعالى: * (ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض) * الآية.