منها عشرة: أهل الكتاب والمجوس والصابئون والمرأة والصبي والمجنون والسكران، والذي يضيع الصلاة، والسارق والغاصب. فأما أهل الكتاب فالعلماء مجمعون على جواز ذبائحهم لقوله تعالى: * (وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم خل لهم) * ومختلفون في التفصيل، فاتفقوا على أنهم إذا لم يكونوا من نصارى بني تغلب ولا مرتدين وذبحوا لأنفسهم وعلى أنهم سموا الله تعالى على ذبيحتهم وكانت الذبيحة مما لم تحرم عليهم في التوراة ولا حرموها على أنفسهم أنه يجوز منها ما عدا الشحم. واختلفوا في مقابلات هذه الشروط، أعني إذا ذبحوا لمسلم باستنابته أو كانوا من نصارى بني تغلب أو مرتدين، وإذا لم يعلم أنهم سموا الله أو جهل مقصود ذبحهم أو علم أنهم سموا غير الله مما يذبحونه لكنائسهم وأعيادهم أو كانت الذبيحة مما حرمت عليهم بالتوراة كقوله تعالى: * (كل ذي ظفر) * أو كانت مما حرموها على أنفسهم مثل الذبائح التي تكون عند اليهود فاسدة من قبل خلقة إلهية، وكذلك اختلفوا في الشحوم. فأما إذا ذبحوا باستنابة مسلم فقيل في المذهب عن مالك يجوز وقيل لا يجوز. وسبب الاختلاف: هل من شرط ذبح المسلم اعتقاد تحليل الذبيحة على الشروط الاسلامية في ذلك أم لا؟ فمن رأى أن النية شرط في الذبيحة قال: لا تحل ذبيحة الكتابي لمسلم، لأنه لا يصح منه وجود هذه النية. ومن رأى أن ذلك ليس بشرط وغلب عموم الكتاب: أعني قوله تعالى: * وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم) * قال: يجوز، وكذلك من اعتقد أن نية المستنيب تجزي، وهو أصل قول ابن وهب.
وأما المسألة الثانية: وهي ذبائح نصارى بني تغلب والمرتدين، فإن الجمهور على أن ذبائح النصارى من العرب حكمها حكم ذبائح أهل الكتاب، وهو قول ابن عباس، ومنهم من لم يجز ذبائحهم، وهو أحد قولي الشافعي، وهو مروي عن علي رضي الله عنه.
وسبب الخلاف: هل يتناول العرب المتنصرين اسم الذين أوتوا الكتاب كما يتناول ذلك الأمم المختصة بالكتاب وهم بنو إسرائيل والروم؟ وأما المرتد فإن الجمهور على أن ذبيحته لا تؤكل. وقال إسحاق: ذبيحته جائزة، وقال الثوري: مكروهة. وسبب الخلاف: هل المرتد لا يتناوله اسم أهل الكتاب إذ كان ليس له حرمة أهل الكتاب أو يتناوله؟
وأما المسألة الثالثة: وهي إذا لم يعلم أن أهل الكتاب سموا الله على الذبيحة فقال الجمهور تؤكل، وهو مروي عن علي، ولست أذكر فيه في هذا الوقت خلافا، ويتطرق إليه الاحتمال بأن يقال إن الأصل هو أن لا يؤكل من تذكيتهم إلا ما كان على شروط