أشياء: أحدها: فعل الصلاة ووجوبها أعني أنه ليس يجب على الحائض قضاؤها بخلاف الصوم. والثاني: أنه يمنع فعل الصوم لا قضاؤه وذلك لحديث عائشة الثابت أنها قالت:
كنا نؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة وإنما قال بوجوب القضاء عليها طائفة من الخوارج. والثالث: فيما أحسب الطواف لحديث عائشة الثابت: حين أمرها رسول الله (ص) أن تفعل كل ما يفعل الحاج غير الطواف بالبيت والرابع الجماع في الفرج لقوله تعالى: * (فاعتزلوا النساء في المحيض) * الآية. واختلفوا من أحكامها في مسائل، نذكر منها مشهوراتها وهي خمس:
المسألة الأولى: اختلف الفقهاء في مباشرة الحائض وما يستباح منها، فقال مالك والشافعي وأبو حنيفة: له منها ما فوق الإزار فقط وقال سفيان الثوري وداود الظاهري:
إنما يجب عليه أن يجتنب موضع الدم فقط. وسبب اختلافهم: ظواهر الأحاديث الواردة في ذلك، والاحتمال الذي في مفهوم الصلاة والسلام: كان يأمر إذا كانت إحداهن حائضا أن تشد عليها إزارها ثم يباشرها وورد أيضا من حديث ثابت بن قيس عن النبي (ص) أنه قال: اصنعوا كل شئ بالحائض إلا النكاح وذكر أبو داود عن عائشة أن رسول الله (ص) قال لها وهي حائض: اكشفي عن فخذك قالت: فكشفت، فوضع خده وصدره على فخذي، وحنيت عليه حتى دفئ، وكان قد أوجعه البرد. وأما الاحتمال الذي في آية الحيض، فهو تردد قوله تعالى: * (قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض) * بين أن يحمل على عمومه إلا ما خصصه الدليل، أو أن يكون من باب العام أريد به الخاص، بدليل قوله تعالى فيه: * (قل هو أذى) * والأذى إنما يكون في موضع الدم. فمن كان المفهوم منه عنده العموم أعني أنه إذا كان الواجب عنده أن يحمل هذا القول على عمومه حتى يخصصه الدليل، استثنى من ذلك ما فوق الإزار بالسنة، إذ المشهور جواز تخصيص الكتاب بالسنة عند الأصوليين. ومن كان عنده من باب العام أريد به الخاص رجح هذه الآية على الآثار المانعة مما تحت الإزار، وقوى ذلك عنده بالآثار المعارضة للآثار المانعة مما تحت الإزار. الجمع بين هذه الآثار، وبين مفهوم الآية على هذا المعنى الذي نبه عليه الخطاب الوارد فيها، وهو كونه أذى فحمل أحاديث المنع لما تحت الإزار على الكراهية، وأحاديث الإباحة ومفهوم الآية على الجواز، ورجحوا تأويلهم هذا بأنه قد دلت السنة أنه ليس من جسم الحائض شئ نجس إلا موضع الدم، وذلك: أن رسول الله (ص) سأل عائشة أن تناوله