الاختلاف: تشبيهها بصلاة العيد لقوله عليه الصلاة والسلام: إن هذا يوم جعله الله عيدا وأما على من تجب فعلى من وجدت فيه شروط وجوب الصلاة المتقدمة، ووجد فيها زائدا عليها أربعة شروط اثنان باتفاق واثنان مختلف فيهما. أما المتفق عليهما فالذكورة والصحة، فلا تجب على امرأة ولا على مريض باتفاق، ولكن إن حضروا كانوا من أهل الجمعة. وأما المختلف فيهما فهما المسافر، والعبد، فالجمهور على أنه لا تجب عليهما الجمعة، وداود وأصحابه على أنه تجب عليهما الجمعة. وسبب اختلافهم: اختلافهم في صحة الأثر الوارد في ذلك، وهو قوله عليه الصلاة والسلام الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة: عبد مملوك، أو امرأة، أو صبي، أو مريض وفي أخرى إلا خمسة وفيه أو مسافر والحديث لم يصح عند أكثر العلماء.
الفصل الثاني: في شروط الجمعة وأما شروط الجمعة، فاتفقوا على أنها شروط الصلاة المفروضة بعينها: أعني الثمانية المتقدمة، ما عدا الوقت والأذان، فإنهم اختلفوا فيهما، وكذلك اختلفوا في شروطها المختصة بها. أما الوقت فإن الجمهور على أن وقتها وقت الظهر بعينه: أعني وقت الزوال، وأنها لا تجوز قبل الزوال، وذهب قوم إلى أنه يجوز أن تصلى قبل الزوال، وهو قول أحمد بن حنبل. والسبب في هذا الاختلاف: الاختلاف في مفهوم الآثار الواردة في تعجيل الجمعة مثل ما خرجه البخاري عن سهل بن سعد أنه قال: ما كنا نتغدى على عهد رسول الله (ص)، ولا نقيل إلا بعد الجمعة. ومثل ما روى أنهم كانوا يصلون، وينصرفون وما للجدران أظلال. فمن فهم من هذه الآثار الصلاة قبل الزوال أجاز ذلك، ومن لم يفهم منها إلا التبكير فقط لم يجز ذلك، لئلا تتعارض الأصول في هذا الباب وذلك أنه قد ثبت من حديث أنس بن مالك: أن النبي (ص) كان يصلي الجمعة حين تميل الشمس وأيضا فإنها لما كانت بدلا من الظهر، وجب أن يكون وقتها وقت الظهر، فوجب من طريق الجمع بين هذه الآثار أن تحمل تلك على التبكير، إذ ليست نصا في الصلاة قبل الزوال، وهو الذي عليه الجمهور. وأما الأذان فإن جمهور الفقهاء اتفقوا على أن وقته هو إذا جلس الامام على المنبر، واختلفوا هل يؤذن بين يدي الامام مؤذن واحد فقط أو أكثر من واحد؟
فذهب بعضهم إلى أنه إنما يؤذن بين يدي الامام مؤذن واحد فقط، وهو الذي يحرم به البيع والشراء. وقال آخرون: بل يؤذن اثنان فقط. وقال قوم: بل إنما يؤذن ثلاثة. والسبب في اختلافهم: اختلاف الآثار في ذلك، وذلك أنه روى البخاري عن السائب بن يزيد أنه قال:
كان النداء يوم الجمعة إذا جلس الامام على المنبر على عهد، وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء وروي أيضا عن