المنصوص عليه أو لم يقدر. وسبب اختلافهم: هل الزكاة عبادة، أو حق واجب للمساكين؟ فمن قال: إنها عبادة، قال: إن أخرج من غير تلك الأعيان، لم يجز لأنه، إذا أتى بالعبادة على غير الجهة المأمور بها، فهي فاسدة، ومن قال: هي حق للمساكين فلا فرق بين القيمة والعين عنده. وقد قالت الشافعية: لنا أن نقول: - وإن سلمنا أنها حق للمساكين - إن الشارع إنما علق الحق بالعين، قصدا منه لتشريك الفقراء مع الأغنياء في أعيان الأموال.
والحنفية تقول: إنما خصت بالذكر أعيان الأموال تسهيلا على أرباب الأموال، لان كل ذي مال إنما يسهل عليه الاخراج من نوع المال الذي بين يديه، ولذلك جاء في بعض الأثر أنه جعل في الدية على أهل الحلل حللا على ما يأتي في كتاب الحدود.
الفصل السادس: في نصاب العروض والنصاب في العروض على مذهب القائلين بذلك إنما هو فيما اتخذ منها للبيع خاصة على ما يقدر قبل، والنصاب فيها على مذهبهم هو النصاب في العين، إذا كانت هذه هي قيم المتلفات، ورؤوس الأموال، وكذلك الحول في العروض عند الذين أوجبوا الزكاة في العروض، فإن مالكا قال: إذا باع العروض، زكاه لسنة واحدة كالحال في الدين وذلك عنده في التاجر الذي تضبط له أوقات شراء عروضه. وأما الذين لا ينضبط لهم وقت ما يبيعونه، ولا يشترونه، وهم الذين يخصون باسم المدير، فحكم هؤلاء عند مالك، إذا حال عليهم الحول من يوم ابتداء تجارتهم أن يقوم ما بيده من العروض، ثم يضم إلى ذلك ما بيده من العين وماله من الدين الذي يرتجى قبضه، إن لم يكن عليه دين مثله: وذلك بخلاف قوله في دين غير المدير، فإذا بلغ ما اجتمع عنده من ذلك نصابا أدى زكاته، وسواء نض له في عامه شئ من العين، أو لم ينض، بلغ نصابا، أو لم يبلغ نصابا، وهذه رواية ابن الماجشون عن مالك. وروى ابن القاسم عنه: إذا لم يكن له ناض، وكان يتجر بالعروض، لم يكن عليه في العروض فمنهم من لم يشترط وجود الناض عنده ومنهم من شرطه والذي شرطه منهم: فمنهم من اعتبر فيه النصاب، ومنهم من لم يعتبر ذلك. وقال المزني: زكاة العروض تكون من أعيانها، لا من أثمانها وقال الجمهور: الشافعي، وأبو حنيفة، وأحمد، والثوري، والأوزاعي، وغيرهم: المدير، وغير المدير حكمه واحد، وأنه من اشترى عرضا للتجارة، فحال عليه الحول قومه وزكاه. وقال قوم: بل يزكي ثمنه الذي ابتاعه به، لا قيمته وإنما لم يوجب الجمهور على المدير شيئا، لان الحول إنما يشترط في عين المال، لا في نوعه وأما مالك، فشبه النوع ههنا بالعين، لئلا تسقط الزكاة رأسا عن المدير وهذا هو بأن يكون شرعا زائدا أشبه منه بأن يكون شرعا مستنبطا من شرع ثابت، ومثل هذا، هو الذي يعرفونه بالقياس المرسل، وهو الذي لا يستند إلى أصل منصوص عليه في الشرع، إلا ما يعقل من المصلحة الشرعية فيه. ومالك رحمه الله يعتبر المصالح، وإن لم يستند إلى أصول منصوص عليها.