الفصل الرابع وأما صفة سجود السهو، فإنهم اختلفوا في ذلك، فرأى مالك أن حكم سجدتي السهو إذا كانت بعد السلام أن يتشهد فيها ويسلم منها، وبه قال أبو حنيفة، لان السجود كله عنده بعد السلام وإذا كانت قبل السلام أن يتشهد لها فقط، وأن السلام من الصلاة هو سلام منها، وبه قال الشافعي إذ كان السجود كله عنده قبل السلام، وقد روي عن مالك أنه لا يتشهد للتي قبل السلام، وبه قال جماعة. قال أبو عمر: أما السلام من التي بعد السلام، فثابت عن النبي (ص). وأما التشهد فلا أحفظه من وجه ثابت. وسبب هذا الاختلاف: هو اختلافهم في تصحيح ما ورد من ذلك في حديث ابن مسعود أعني من أنه عليه الصلاة والسلام: تشهد ثم سلم وتشبيه سجدتي السهو بالسجدتين الأخيرتين من الصلاة، فمن شبهها بها، لم يوجب لها التشهد، وبخاصة إذا كانت في نفس الصلاة، وقال أبو بكر بن المنذر: اختلف العلماء في هذه المسألة على ستة أقوال: فقالت طائفة: لا تشهد فيها ولا تسليم، وبه قال أنس بن مالك، والحسن، وعطاء، وقال قوم: مقابل هذا، وهو أن فيها تشهدا وتسليما، وقال قوم: فيها تشهد فقط بدون تسليم، وبه قال الحكم وحماد والنخعي، وقال قوم مقابل هذا وهو أن فيها تسليما، وليس فيها تشهد، وهو قول ابن سيرين، والقول الخامس: إن شاء تشهد وسلم، وإن شاء لم يفعل، وروي ذلك عن عطاء، والسادس:
قول أحمد بن حنبل أنه إن سجد بعد السلام تشهد، وإن سجد قبل السلام لم يتشهد، وهو الذي حكيناه نحن عن مالك، قال أبو بكر: قد ثبت أنه (ص) كبر فيها أربع تكبيرات وأنه سلم، وفي ثبوت تشهده فيها نظر.
الفصل الخامس اتفقوا على أن سجود السهو من سنة المنفرد والامام، واختلفوا في المأموم يسهو وراء الامام هل عليه سجود، أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أن الامام يحمل عنه السهو وشذ مكحول، فألزمه السجود في خاصة نفسه. وسبب اختلافهم: اختلافهم فيما يحمل الامام من الأركان عن المأموم، وما لا يحمله. واتفقوا على أن الامام إذا سها أن المأموم يتبعه في سجود السهو، وإن لم يتبعه في سهوه واختلفوا متى يسجد المأموم إذا فاته مع الامام بعض الصلاة، وعلى الامام سجود سهو، فقال قوم: يسجد مع الامام ثم يقوم لقضاء ما عليه، وسواء أكان سجوده قبل السلام، أم بعده، وبه قال عطاء، والحسن، والنخعي، والشعبي، وأحمد، وأبو ثور، وأصحاب الرأي. وقال قوم: يقضي ثم يسجد، وبه قال ابن سيرين وإسحاق. وقال قوم: إذا سجد قبل التسليم سجدهما معه، وإن سجد بعد التسليم سجدهما بعد أن يقضي، وبه قال مالك والليث والأوزاعي. وقال قوم: يسجدهما مع الامام، ثم يسجدهما ثانية بعد القضاء، وبه قال الشافعي. وسبب اختلافهم: اختلافهم أي أولى، وأخلق