نزلت * (سبح اسم ربك الأعلى) * قال: اجعلوها في سجودكم. وكذلك اختلفوا في الدعاء في الركوع بعد اتفاقهم على جواز الثناء على الله فكره ذلك مالك لحديث علي أنه قال عليه الصلاة والسلام: أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود، فاجتهدوا فيه في الدعاء. وقالت طائفة يجوز الدعاء في الركوع، واحتجوا بأحاديث جاء فيها: أنه عليه الصلاة والسلام دعا في الركوع وهو مذهب البخاري، واحتج بحديث عائشة قالت: كان النبي عليه الصلاة والسلام يقول في ركوعه، وسجوده: سبحانك اللهم ربنا، وبحمدك، اللهم اغفر لي. وأبو حنيفة لا يجيز الدعاء في الصلاة بغير ألفاظ القرآن، ومالك والشافعي يجيزان ذلك. والسبب في ذلك: اختلافهم فيه، هل هو كلام أم لا؟
المسألة السابعة: اختلفوا في وجوب التشهد، وفي المختار منه، فذهب مالك، وأبو حنيفة وجماعة إلى أن التشهد ليس بواجب وذهبت طائفة إلى وجوبه، وبه قال الشافعي، وأحمد، وداود. وسبب اختلافهم معارضة القياس لظاهر الآثار، وذلك أن القياس يقتضي إلحاقه بسائر الأركان التي ليست بواجبة في الصلاة، لاتفاقهم على وجوب القرآن، وأن التشهد ليس بقرآن، فيجب. وحديث ابن عباس أنه قال: كان رسول الله (ص) يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن يقتضي وجوبه مع أن الأصل عند هؤلاء أن أفعاله، وأقواله في الصلاة يجب أن تكون محمولة على الوجوب حتى يدل الدليل على خلاف ذلك. والأصل عند غيرهم على خلاف هذا، وهو أن ما ثبت وجوبه في الصلاة مما اتفق عليه، أو صرح بوجوبه، فلا يجب أن يلحق به إلا ما صرح به، ونص عليه، فهما - كما ترى - أصلا متعارضان. وأما المختار من التشهد، فإن مالكا رحمه الله اختار تشهد عمر رضي الله عنه الذي كان يعلمه الناس على المنبر، وهو: التحيات لله، الزاكيات لله الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا، وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
واختار أهل الكوفة: أبو حنيفة، وغيره تشهد عبد الله بن مسعود، قال أبو عمر: وبه قال أحمد، وأكثر أهل الحديث، لثبوت نقله عن رسول الله (ص) وهو: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته. السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. أشهد ألا إله إلا الله. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله واختار الشافعي ذي رواه عن النبي (ص) قال: كان رسول الله (ص) يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن. فكان: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله