والسلطان مع هذا، ولم يشترط العدد. وسبب اختلافهم في هذا الباب: هو الاحتمال المتطرق إلى الأحوال الراتبة التي اقترنت بهذه الصلاة عند فعله إياها (ص) هل هي شرط في صحتها، أو وجوبها، أليست بشرط؟ وذلك أنه لم يصلها (ص) إلا في جماعة، ومصر، ومسجد جامع، فمن رأى أن اقتران هذه الأشياء بصلاته مما يوجب كونها شرطا في صلاة الجمعة، اشترطها، ومن رأى بعضها دون بعض، اشترط ذلك البعض دون غيره كاشتراط مالك المسجد وتركه اشتراط المصر والسلطان. ومن هذا الموضوع اختلفوا في مسائل كثيرة من هذا الباب مثل اختلافهم هل تقام جمعتان في مصر واحد، أو لا تقام؟ والسبب في اختلافهم في اشتراط الأحوال والأفعال المقترنة بها: هو كون بعض تلك الأحوال أشد مناسبة لأفعال الصلاة من بعض، ولذلك اتفقوا على اشتراط الجماعة، إذ كان معلوما من الشرع أنها حال من الأحوال الموجودة في الصلاة، ولم ير مالك المصر ولا السلطان شرطا في ذلك لكونه غير مناسب لأحوال الصلاة، ورأي المسجد شرطا لكونه أقرب مناسبة حتى لقد اختلف المتأخرون من أصحابه هل من شرط المسجد السقف أم لا؟ وهل من شرطه أن تكون الجمعة راتبة فيه أم لا؟ وهذا كله لعله تعمق في هذا الباب ودين الله يسر، ولقائل أن يقول: إن هذه لو كانت شروطا في صحة الصلاة، لما جاز أن يسكت عنها عليه الصلاة والسلام، ولا أن يترك بيانها لقوله تعالى: * (لتبين للناس ما نزل إليهم) * ولقوله تعالى: * (لتبين لهم الذي اختلفوا فيه) *. والله المرشد للصواب.
الفصل الثالث: في الأركان اتفق المسلمون على أنها خطبة، وركعتان بعد الخطبة، واختلفوا من ذلك في خمس مسائل هي قواعد هذا الباب المسألة الأولى: في الخطبة، هل هي شرط في صحة الصلاة، وركن من أركانها أم لا؟
فذهب الجمهور إلى أنها شرط، وركن وقال أقوام: إنها ليست بفرض، وجمهور أصحاب مالك على أنها فرض إلا ابن الماجشون. وسبب اختلافهم: هو هل الأصل المتقدم من احتمال كل ما اقترن بهذه الصلاة أن يكون من شروطها، أو لا يكون؟ فمن رأى أن الخطبة حال من الأحوال المختصة بهذه الصلاة، وبخاصة إذا توهم أنها عوض من الركعتين اللتين نقصتا من هذه الصلاة قال: إنها ركن من أركان هذه الصلاة وشرط في صحتها، ومن رأى أن المقصود منها هو الموعظة المقصودة من سائر الخطب، رأى أنها ليست شرطا من شروط الصلاة، وإنما وقع الخلاف في هذه الخطبة هل هي فرض أم لا؟ لكونها راتبة من سائر الخطب، وقد