الباب الخامس: في الصلاة على الجنازة وهذه الجملة يتعلق بها بعد معرفة وجوبها فصول: أحدها: في صفة صلاة الجنازة.
والثاني: على من يصلى ومن أولى بالصلاة. والثالث: في وقت هذه الصلاة. والرابع:
في موضع هذه الصلاة. والخامس: في شروط هذه الصلاة.
الفصل الأول في صفة صلاة الجنازة فأما صفة الصلاة، فإنها يتعلق بها مسائل:
المسألة الأولى: اختلفوا في عدد التكبير في الصدر الأول اختلافا كثيرا من ثلاث إلى سبع: أعني الصحابة رضي الله عنهم، ولكن فقهاء الأمصار على أن التكبير في الجنازة أربع إلا ابن أبي ليلى، وجابر بن زيد، فإنهما كانا يقولان: إنها خمس. وسبب الاختلاف: اختلاف الآثار في ذلك، وذلك أنه روي من حديث أبي هريرة: أن رسول الله (ص) نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وخرج بهم إلى المصلى، فصف بهم، وكبر أربع تكبيرات. وهو حديث متفق على صحته، ولذلك أخذ به جمهور فقهاء الأمصار.
وجاء في هذا المعنى أيضا من: أنه عليه الصلاة والسلام صلى على قبر مسكينة، فكبر عليها أربعا. وروى مسلم أيضا عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: كان زيد بن أرقم يكبر على الجنائز أربعا، وأنه كبر على جنازة خمسا، فسألناه، فقال: كان رسول الله (ص) يكبرها كان النبي (ص) يكبر على الجنائز أربعا، وخمسا، وستا، وسبعا، وثمانيا حتى مات النجاشي، فصف الناس وراءه، وكبر أربعا، ثم ثبت (ص) على أربع حتى توفاه الله وهذا فيه حجة لائحة للجمهور. وأجمع العلماء على رفع اليدين في أول التكبير على الجنازة، واختلفوا في سائر التكبير، فقال قوم: يرفع، وقال قوم: لا يرفع، وروى الترمذي عن أبي هريرة: أن رسول الله (ص) كبر في جنازة، فرفع يديه في أول التكبير، ووضع يده اليمنى على اليسرى فمن ذهب إلى ظاهر هذا الأثر، وكان مذهبه في الصلاة أنه لا يرفع إلا في أول التكبير، قال: الرفع في أول التكبير ومن قال:
يرفع في كل تكبير، شبه التكبير الثاني بالأول، لأنه كله يفعل في حال القيام والاستواء.
المسألة الثانية: اختلف الناس في القراءة في صلاة الجنازة، فقال مالك وأبو حنيفة:
ليس فيها قراءة، إنما هو الدعاء وقال مالك: قراءة فاتحة الكتاب فيها ليس بمعمول به في بلدنا بحال، قال: وإنما يحمد الله، ويثنى عليه بعد التكبيرة الأولى، ثم يكبر الثانية، فيصلي على النبي (ص)، ثم يكبر الثالثة، فيشفع للميت، ثم يكبر الرابعة، ويسلم. وقال الشافعي: يقرأ بعد التكبيرة الأولى بفاتحة الكتاب، ثم يفعل في سائر التكبيرات مثل ذلك وبه قال أحمد، وداود. وسبب اختلافهم: معارضة العمل للأثر، وهل يتناول أيضا اسم الصلاة صلاة