النهي: أن يقعي الرجل في صلاته، كما يقعي الكلب إلا أنهم اختلفوا فيما يدل عليه الاسم، فبعضهم رأى أن الاقعاء المنهي عنه هو جلوس الرجل على أليتيه في الصلاة ناصبا فخذيه مثل إقعاء الكلب، والسبع، ولا خلاف بينهم أن هذه الهيئة ليست من هيئات الصلاة.
وقوم رأوا أن معنى الاقعاء الذي نهي عنه هو أن يجعل أليتيه على عقبيه بين السجدتين، وهو أن يجلس على صدور قدميه، وهو مذهب مالك، لما روي عن ابن عمر أنه ذكر أنه إنما كان يفعل ذلك، لأنه كان يشتكي قدميه، وأما ابن عباس فكان يقول: الاقعاء على القدمين في السجود على هذه الصفة هو سنة نبيكم سبب اختلافهم: هو تردد اسم الاقعاء المنهي عنه في الصلاة بين أن يدل على المعنى اللغوي، أو يدل على معنى شرعي: أعني على هيئة خصها الشرع بهذا الاسم، فمن رأى أنه يدل على المعنى اللغوي قال: هو إقعاء الكلب. ومن رأى أنه يدل على معنى شرعي قال: إنما أريد بذلك إحدى هيئات الصلاة المنهي عنها، ولما ثبت عن ابن عمر أن قعود الرجل على صدور قدميه ليس من سنة الصلاة سبق إلى اعتقاده أن هذه الهيئة هي التي أريد بالاقعاء المنهي عنه، وهذا ضعيف، فإن الأسماء التي لم تثبت لها معان شرعية يجب أن تحمل على المعنى اللغوي، حتى يثبت لها معنى شرعي، بخلاف الامر في الأسماء التي تثبت لها معان شرعية: أعني أنه يجب أن يحمل على المعاني الشرعية حتى يدل الدليل على المعنى اللغوي مع أنه قد عارض حديث ابن عمر في ذلك حديث ابن عباس.
الباب الثاني من الجملة الثالثة وهذا الباب الكلام المحيط بقواعده فيه فصول سبعة: أحدها: في معرفة حكم صلاة الجماعة. والثاني: في معرفة شروط الإمامة، ومن أولى بالتقديم، وأحكام الامام الخاصة به. الثالث: في مقام المأموم من الامام، والاحكام الخاصة بالمأمومين. الرابع: في معرفة ما يتبع فيه المأموم الامام مما ليس يتبعه. الخامس: في صفة الاتباع. السادس: فيما يحمله الامام عن المأمومين. السابع: في الأشياء التي إذا فسدت لها صلاة الامام يتعدى الفساد إلى المأمومين.
الفصل الأول: في معرفة حكم صلاة الجماعة في هذا الفصل مسألتان: إحداهما: هل صلاة الجماعة واجبة على من سمع النداء أم ليست بواجبة؟ المسألة الثانية: إذا دخل الرجل المسجد، وقد صلي هل يجب عليه أن يصلى مع الجماعة الصلاة التي قد صلاها، أم لا؟:
أما المسألة الأولى: فإن العلماء اختلفوا فيها، فذهب الجمهور إلى أنها سنة أو فرض على الكفاية وذهبت الظاهرية إلى أن صلاة الجماعة فرض متعين على كل مكلف.