المقدس أو في مسجد النبي عليه الصلاة والسلام لزمه، وإن صلى في البيت الحرام أجزأه عن ذلك، وأكثر الناس على أن النذر لما سوى هذه المساجد الثلاثة لا يلزم لقوله عليه الصلاة والسلام: لا تسرج المطي إلا لثلاث فذكر المسجد الحرام، ومسجده وبيت المقدس وذهب بعض الناس إلى أن النذر إلى المساجد التي يرجى فيها فضل زائد واجب، واحتج في ذلك بفتوى ابن عباس لولد المرأة التي نذرت أن تمشي إلى مسجد قباء فماتت أن يمشي عنها. وسبب اختلافهم: في النذر إلى ما عدا المسجد الحرام اختلافهم في المعنى الذي إليه تسرج المطي إلى هذه الثلاث مساجد، هل ذلك لموضع صلاة الفرض فيما عدا البيت الحرام أو لموضع صلاة النفل؟ فمن قال لموضع صلاة الفرض وكان الفرض عنده لا ينذر إذ كان واجبا بالشرع قال: النذر بالمشي إلى هذين المسجدين غير لازم، ومن كان عنده أن النذر قد يكون في الواجب أو أنه أيضا قد يقصد هذان المسجدان لموضع صلاة النفل لقوله عليه الصلاة والسلام: صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام واسم الصلاة يشمل الفرض والنقل، قال: هو واجب، لكن أبو حنيفة حمل هذا الحديث على الفرض مصيرا إلى الجمع بينه وبين قوله عليه الصلاة والسلام: صلاة أحدكم في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة وإلا وقع التضاد بين هذين الحديثين، وهذه المسألة هي أن تكون من الباب الثاني أحق من أن تكون من هذا الباب.
المسألة الرابعة: واختلفوا في الواجب على من نذر أن ينحر ابنه في مقام إبراهيم، فقال مالك: ينحر جزورا فداء له، وقال أبو حنيفة: ينحر شاة، وهو أيضا مروي عن ابن عباس، وقال بعضهم: بل ينحر مائة من الإبل، وقال بعضهم يهدي ديته، وروي ذلك عن علي، وقال بعضهم: بل يحج له، وبه قال الليث، وقال أبو يوسف والشافعي، لا شئ عليه لأنه نذر معصية ولا نذر في معصية. وسبب اختلافهم: قصة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، أعني هل ما تقرب به إبراهيم هو لازم للمسلمين أم ليس بلازم؟ فمن رأى أن ذلك شرع خص به إبراهيم قال: لا يلزم النذر، ومن رأى أنه لازم لنا قال: النذر لازم.
والخلاف في هل يلزمنا شرع من قبلنا مشهور، لكن يتطرق إلى هذا خلاف آخر، وهو أن الظاهر من هذا الفعل أنه كان خاصا بإبراهيم ولم يكن شرعا لأهل زمانه، وعلى هذا فليس ينبغي أن يختلف هل هو شرع لنا أم ليس بشرع؟ والذين قالوا إنه شرع إنما اختلفوا في الواجب في ذلك من قبل اختلافهم أيضا في هل يحمل الواجب في ذلك على الواجب على إبراهيم، أم يحمل على غير ذلك من القرب الاسلامية، وذلك إما صدقة بديته، وإما حج به، وإما هدي بدنة. وأما الذين قالوا مائة من الإبل. فذهبوا إلى حديث عبد المطلب.
المسألة الخامسة: واتفقوا على أن من نذر أن يجعل ماله كله في سبيل الله أو في