أم الكتاب عنده في الصلاة، ومن رأى أنها آية من أول كل سورة، وجب عنده أن يقرأها مع السورة. وهذه المسألة قد كثر الاختلاف فيها والمسألة محتملة، ولكن من أعجب ما وقع في هذه المسألة أنهم يقولون: ربما اختلف فيه هل بسم الله الرحمن الرحيم آية من القرآن في غير سورة النمل؟ أم إنما هي آية من القرآن في سورة النمل فقط؟ ويحكون على جهة الرد على الشافعي أنها لو كانت من القرآن في غير سورة النمل، لبينه رسول الله (ص)، لان القرآن نقل تواترا، وهذا الذي قاله القاضي في الرد على الشافعي، وظن أنه قاطع. وأما أبو حامد فانتصر لهذا بأن قال: إنه أيضا لو كانت من غير القرآن، لوجب على رسول الله (ص) أن يبين ذلك، وهذا كله تخبط وشئ غير مفهوم، فإنه كيف يجوز في الآية الواحدة بعينها أن يقال فيها: إنها من القرآن في موضع، وإنها ليست من القرآن في موضع آخر، بل يقال: إن بسم الله الرحمن الرحيم قد ثبت أنها من القرآن حيثما ذكرت وأنها آية من سورة النمل، وهل هي آية من سورة أم القرآن، ومن كل سورة يستفتح بها؟ مختلف فيه، والمسألة محتملة، وذلك أنها في سائر السور فاتحة، وهي جزء من سورة النمل فتأمل هذا، فإنه بين، والله أعلم.
المسألة الخامسة: اتفق العلماء على أنه لا تجوز صلاة بغير قراءة، لا عمدا، ولا سهوا إلا شيئا روي عن عمر رضي الله عنه أنه صلى، فنسي القراءة، فقيل له في ذلك، فقال: كيف كان الركوع، والسجود؟ فقيل حسن. فقال: لا بأس إذا، وهو حديث غريب عندهم أدخله مالك في موطئه في بعض الروايات، وإلا شيئا روي عن ابن عباس أنه لا يقرأ في صلاة السر، وأنه قال: قرأ رسول الله (ص) في صلوات، وسكت في أخرى، في الظهر، والعصر قراءة؟ فقال: لا. وأخذ الجمهور بحديث خباب: أنه (ص) كان يقرأ في الظهر والعصر قيل فبأي شئ كنتم تعرفون ذلك، قال: باضطراب لحيته. وتعلق الكوفيون بحديث ابن عباس في ترك وجوب القراءة في الركعتين الأخيرتين من الصلاة لاستواء صلاة الجهر، والسر في سكوت النبي (ص) في هاتين الركعتين. واختلفوا في القراءة الواجبة في الصلاة، فرأى بعضهم أن الواجب من ذلك أم القرآن لمن حفظها، وأن ما عداها ليس فيه توقيت، ومن هؤلاء من أوجبها في كل ركعة، ومنهم من أوجبها في أكثر الصلاة، ومنهم من أوجبها في نصف الصلاة، ومنهم من أوجبها في ركعة من الصلاة، وبالأول قال الشافعي وهي أشهر الروايات عن مالك وقد روي عنه أنه إن قرأها في ركعتين من الرباعية، أجزأته. وأما من رأى أنها تجزئ في ركعة، فمنهم الحسن البصري، وكثير من فقهاء البصرة وأما أبو حنيفة فالواجب عنده إنما هو قراءة القرآن، أي آية اتفقت أن تقرأ، وحد أصحابه في ذلك ثلاث آيات قصار، أو آية طويلة مثل آية الدين، وهذا في الركعتين الأوليين. وأما في الأخيرتين، فيستحب عنده التسبيح فيهما دون القراءة وبه قال الكوفيون. والجمهور يستحبون القراءة فيها كلها. والسبب في