تختلط ماشيتهما، وتراحا لواحد وتحلبا لواحد، وتسرحا لواحد، وتسقيا معا، وتكون فحولهما مختلطة، ولا فرق عنده بالجملة بين الخلطة، والشركة ولذلك يعتبر كمال النصاب لكل واحد من الشريكين كما تقدم. وأما مالك، فالخليطان عنده ما اشتركا في الدلو، والحوض، والمراح والراعي، والفحل واختلف أصحابه في مراعاة بعض هذه الأوصاف، أو جميعها. وسبب اختلافهم: اشتراك اسم الخلطة ولذلك لم ير قوم تأثير الخلطة في الزكاة وهو مذهب أبي محمد بن حزم الأندلسي.
الفصل الخامس: في نصاب الحبوب، والثمار، والقدر الواجب في ذلك وأجمعوا على أن الواجب في الحبوب أما ما سقي بالسماء، فالعشر، وأما ما سقي بالنضح، فنصف العشر، لثبوت ذلك عنه (ص). وأما النصاب، فإنهم اختلفوا في وجوبه في هذا الجنس من مال الزكاة. فصار الجمهور إلى إيجاب النصاب فيه، وهو خمسة أوسق، والوسق ستون صاعا بإجماع، والصاع أربعة أمداد بمد النبي عليه الصلاة والسلام. والجمهور على أن مده رطل وثلث وزيادة يسيرة بالبغدادي، وإليه رجع أبو يوسف حين ناظره مالك على مذهب أهل العراق، لشهادة أهل المدينة بذلك، وكان أبو حنيفة يقول في المد إنه رطلان، وفي الصاع إنه ثمانية أرطال، وقال أبو حنيفة: ليس في الحبوب والثمار نصاب. وسبب اختلافهم: معارضة العموم للخصوص. أما العموم، فقوله عليه الصلاة والسلام: فيما سقت السماء العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر أما الخصوص، فقوله عليه الصلاة والسلام ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة. والحديثان ثابتان، فمن رأى أن الخصوص يبنى على العموم قال: لا بد من النصاب وهو المشهور ومن رأى أن العموم، والخصوص متعارضان، إذا جهل المتقدم فيهما والمتأخر، إذ كان قد ينسخ الخصوص بالعموم عنده، وينسخ العموم بالخصوص، إذ كل ما وجب العمل به جاز نسخه، والنسخ قد يكون للبعض وقد يكون للكل، ومن رجح العموم، قال: لا نصاب، ولكن حمل الجمهور عندي الخصوص على العموم، هو من باب ترجيح الخصوص على العموم في الجزء الذي تعارضا فيه، فإن العموم فيه ظاهر، والخصوص فيه نص، فتأمل هذا فإنه السبب الذي صير الجمهور إلى أن يقولوا بني العام على الخاص وعلى الحقيقة ليس بنيانا فإن التعارض بينهما موجود إلا أن يكون الخصوص متصلا بالعموم فيكون استثناء. واحتجاج أبي حنيفة في النصاب بهذا العموم فيه ضعف فإن الحديث إنما خرج مخرج تبيين القدر الواجب منه. واختلفوا من هذا الباب في النصاب في ثلاث مسائل: المسألة الأولى: في ضم الحبوب بعضها إلى بعض في النصاب. الثانية: في جواز تقدير النصاب في العنب، والتمر بالخرص. الثالثة: هل يحسب على الرجل ما يأكله من ثمره، وزرعه قبل الحصاد، والجذاذ في النصاب، أم لا؟