مشهور عن علي، والجواز عن ابن عمر مشهور. وأما موضع الامام، فإن قوما أجازوا أن يكون أرفع من موضع المأمومين، وقوم منعوا ذلك، وقوم استحبوا من ذلك اليسير، وهو مذهب مالك. وسبب الخلاف في ذلك: حديثان متعارضان: أحدهما: الحديث الثابت: أنه عليه الصلاة والسلام أم الناس على المنبر ليعلمهم الصلاة، وأنه كان إذا أراد أن يسجد نزل من على المنبر. والثاني: ما رواه أبو داود أن حذيفة أم الناس على دكان، فأخذ ابن مسعود بقميصه فجذبه، فلما فرغ من صلاته قال: ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك أو ينهى عن ذلك. وقد اختلفوا هل يجب على الامام أن ينوي الإمامة أم لا؟ فذهب قوم إلى أنه ليس ذلك بواجب عليه لحديث ابن عباس: أنه قام إلى جنب رسول الله (ص) بعد دخوله في الصلاة. ورأي قوم أن هذا محتمل، وأنه لا بد من ذلك إذا كان يحمل بعض أفعال الصلاة عن المأمومين، وهذا على مذهب من يرى أن الامام يحمل فرضا، أو نفلا عن المأمومين.
الفصل الثالث: في مقام المأموم من الامام والاحكام الخاصة بالمأمومين وفي هذا الفصل خمس مسائل:
المسألة الأولى: اتفق جمهور العلماء على أن سنة الواحد المنفرد أن يقوم عن يمين الامام لثبوت ذلك من حديث ابن عباس، وغيره، وأنهم إن كانوا ثلاثة سوى الامام قاموا وراءه، واختلفوا إذا كانا اثنين سوى الامام، فذهب مالك والشافعي إلى أنهما يقومان خلف الامام وقال أبو حنيفة وأصحابه والكوفيون: بل يقوم الامام بينهما. والسبب في اختلافهم: أن في ذلك حديثين متعارضين: أحدهما: حديث جابر بن عبد الله قال: قمت عن يسار رسول الله (ص)، فأخذ بيدي، فأدارني حتى أقامني عن يمينه، ثم جاء جبار بن صخر فتوضأ، ثم جاء فقام عن يسار رسول الله (ص)، فأخذ بأيدينا خلفه. والحديث الثاني: حديث ابن مسعود: أنه صلى بعلقمة والأسود، فقام وسطهما وأسنده إلى النبي (ص). قال أبو عمر: واختلف رواة هذا الحديث، فبعضهم أوقفه، وبعضهم أسنده والصحيح أنه موقوف، وأما أن سنة المرأة أن تقف خلف الرجل أو الرجال إن كان هنالك رجل سوى الامام، أو خلف الامام إن كانت وحدها، فلا أعلم في ذلك خلافا لثبوت ذلك من حديث أنس الذي خرجه البخاري: أن النبي (ص) صلى به، وبأمه، أو خالته، قال: فأقامني عن يمينه، وأقام المرأة خلفنا والذي خرجه عنه أيضا مالك أنه قال:
فصففت أنا واليتيم وراءه عليه الصلاة والسلام، والعجوز من ورائنا. وسنة الواحد عند الجمهور أن يقف عن يمين الامام لحديث ابن عباس حين بات عند ميمونة. وقال قوم:
بل عن يساره، ولا خلاف في أن المرأة الواحدة تصلي خلف الامام، وأنها إن كانت مع الرجل صلى إلى جانب الامام، والمرأة خلفه.