أن يتبعه في السجود مصاحبا له، أو باع واجب لقوله عليه الصلاة والسلام: إنما جعل الامام ليؤتم به. واختلفوا هل موضعها للمأموم هو موضع السجود أعني في آخر الصلاة؟ أو موضعها هو وقت سجود الامام؟ فمن آثر مقارنة فعله لفعل الامام على موضع السجود، ورأي ذلك شرطا في الاتباع، أعني أن يكون فعلهما واحدا حقا، قال: يسجد مع الامام، وإن لم يأت بها في موضع السجود، ومن آثر موضع السجود، قال: يؤخرها إلى آخر الصلاة. ومن أوجب عليه الامرين، أوجب عليه السجود مرتين، وهو ضعيف.
الفصل السادس واتفقوا على أن السنة لمن سها في صلاته أن يسبح له، وذلك للرجل لما ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ما لي أراكم أكثرتم من التصفيق، من نابه شئ في صلاته، فليسبح، فإنه إذا سبح التفت إليه، وإنما التصفيق للنساء. فقال مالك وجماعة: إن التسبيح للرجال والنساء وقال الشافعي وجماعة: للرجال التسبيح، وللنساء التصفيق. والسبب في اختلافهم: اختلافهم في مفهوم قوله عليه الصلاة والسلام: وإنما التصفيق للنساء فمن ذهب إلى أن معنى ذلك أن التصفيق هو حكم النساء يصفقن، ولا يسبحن، ومن فهم من ذلك الذم للتصفيق، قال: الرجال والنساء، في التسبيح سواء، وفيه ضعف، لأنه خروج عن الظاهر بغير دليل، إلا أن تقاس المرأة في ذلك على الرجل، والمرأة كثيرا ما يخالف حكمها في الصلاة حكم الرجل، ولذلك يضعف القياس.
وأما سجود السهو الذي هو لموضع الشك، فإن الفقهاء اختلفوا فيمن شك في صلاته، فلم يدر كم صلى واحدة، أو اثنتين، أو ثلاثا، أو أربعا على ثلاثة مذاهب؟ فقال قوم:
يبني على اليقين، وهو الأقل، ولا يجزيه التحري، ويسجد سجدتي السهو وهو قول مالك، والشافعي، وداود وقال أبو حنيفة: إن كان أول أمره، فسدت صلاته، وإن تكرر ذلك منه، تحرى وعمل على غلبة الظن، ثم يسجد سجدتين بعد السلام. وقالت طائفة: إنه ليس عليه إذا شك لا رجوع إلى يقين ولا تحر، وإنما عليه السجود فقط إذا شك. والسبب في اختلافهم: تعارض ظواهر الآثار الواردة في هذا الباب وذلك أن في هذا الباب ثلاثة آثار:
أحدها: حديث بالبناء على اليقين، وهو حديث أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله (ص): إذا شك أحدكم في صلاته، فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا، فليطرح الشك، وليبن على ما استيقن، ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان خرجه مسلم. والثاني: حديث ابن مسعود أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: إذا سها أحدكم في صلاته، فليتحر،