لنا خاصة. وهذا لم يصح عند أهل الظاهر صحة يعارض بها العمل المتقدم. وروي عن عمر أنه قال: متعتان كانت على عهد رسول الله (ص) أنا أنهى عنهما، وأعاقب عليهما: متعة النساء، ومتعة الحج. وروي عن عثمان أنه قال: متعة الحج كانت لنا، وليست لكم.
وقال أبو ذر: ما كان لاحد بعدنا أن يحرم بالحج، ثم يفسخه في عمرة. هذه كله مع ظاهر قوله تعالى: * (وأتموا الحج والعمرة لله) *. والظاهرية على أن الأصل اتباع فعل الصحابة حتى يدل دليل من كتاب الله أو سنة ثابتة على أنه خاص. فسبب الاختلاف: هل فعل الصحابة محمول على العموم، أو على الخصوص. وأما النوع الثاني التمتع: فهو ما كان يذهب إليه ابن الزبير من أن التمتع الذي ذكره الله تعالى، هو تمتع المحصر بمرض، أو عدو، وذلك إذا خرج الرجل حاجا، فحبسه عدو، أو أمر تعذر به عليه الحج حتى تذهب أيام الحج، فيأتي البيت، فيطوف، ويسعى بين الصفا والمروة ويحل، ثم يتمتع بحله إلى العام المقبل، ثم يحج، ويهدي، وعلى هذا القول ليس يكون التمتع المشهور إجماعا. وشذ طاووس أيضا، فقال: إن المكي إذا تمتع من بلد غير مكة، كان عليه الهدي. واختلف العلماء فيمن أنشأ عمرة في غير أشهر الحج، ثم عملها في أشهر الحج، ثم حج من عامه ذلك، فقال مالك: عمرته في الشهر الذي حل فيه، فإن كان حل في أشهر الحج، فهو متمتع، وإن كان حل في غير أشهر الحج، فليس بمتمتع وبقريب منه قال أبو حنيفة، والشافعي والثوري إلا أن الثوري اشترط أن يوقع طوافه كله في شوال وبه قال الشافعي وقال أبو حنيفة: إن طاف ثلاثة أشواط في رمضان، وأربعة في شوال، كان متمتعا، وإن كان عكس ذلك، لم يكن متمتعا أعني أن يكون طاف أربعة أشواط في رمضان، وثلاثة في شوال وقال أبو ثور:
إذا دخل في العمرة في غير أشهر الحج، فسواء طاف لها في غير أشهر الحج، أو في أشهر الحج لا يكون متمتعا. وسبب الاختلاف: هل يكون متمتعا بإيقاع إحرام العمرة في أشهر الحج فقط، أم بإيقاع الطواف معه؟ ثم إن كان بإيقاع الطواف معه، فهل بإيقاعه كله أم أكثره؟ فأبو ثور يقول: لا يكون متمتعا إلا بإيقاع الاحرام في أشهر الحج، لان بالاحرام تنعقد العمرة. والشافعي يقول: الطواف هو أعظم أركانها، فوجب أن يكون به متمتعا، فالجمهور على أن من أوقع بعضها في أشهر الحج كمن أوقعها كلها. وشروط التمتع عند مالك ستة: أحدها: أن يجمع بين الحج والعمرة في شهر واحد. والثاني: أن يكون ذلك في عام واحد، والثالث: أن يفعل شيئا من العمرة في أشهر الحج، والرابع: أن يقدم العمرة على الحج، والخامس: أن ينشئ الحج بعد الفراغ من العمرة وإحلاله منها.
والسادس: أن يكون وطنه غير مكة. فهذه هي صورة التمتع، والاختلاف المشهور فيه، والاتفاق.