الأول للقادم هل هو سنة أو فضيلة؟ فقال ابن عباس: هو سنة، وبه قال الشافعي، وأبو حنيفة، وإسحق، وأحمد، وأبو ثور واختلف قول مالك في ذلك وأصحابه. والفرق بين القولين أن من جعله سنة أوجب في تركه الدم، ومن لم يجعله سنة لم يوجب في تركه شيئا.
واحتج من لم ير الرمل سنة بحديث أبي الطفيل عن ابن عباس قال: قلت لابن عباس زعم قومك أن رسول الله (ص) حين طاف بالبيت، رمل، وأن ذلك سنة، فقال: صدقوا وكذبوا، قال: قلت: ما صدقوا، وما كذبوا؟ قال: صدقوا رمل رسول الله (ص) حين طاف بالبيت، وكذبوا ليس بسنة. إن قريشا زمن الحديبية قالوا: إن به، وبأصحابه هزلا وقعدوا على قعيقعان ينظرون إلى النبي (ص) وأصحابه فبلغ ذلك النبي (ص). فقال لأصحابه أرملوا، أروهم أن بكم قوة فكان رسول الله (ص) يرمل من الحجر الأسود إلى اليماني، فإذا توارى عنهم مشى. وحجة الجمهور حديث جابر أن رسول الله (ص) رمل في الثلاثة الأشواط في حجة الوداع، ومشى أربعا وهو حديث ثابت من رواية مالك وغيره، قالوا: وقد اختلف على أبي الطفيل عن ابن عباس، فروي عنه أن رسول الله (ص) رمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود وذلك بخلاف الرواية الأولى. وعلى أصول الظاهرية يجب الرمل لقوله: خذوا عني مناسككم وهو قولهم، أو قول بعضهم الآن فيما أظن. وأجمعوا على أنه لا رمل على من أحرم بالحج من مكة من غير أهلها، وهم المتمتعون، لأنهم قد رملوا في حين دخولهم حين طافوا للقدوم واختلفوا في أهل مكة هل عليهم، إذا حجوا رمل، أم لا؟
فقال الشافعي: كان طواف قبل عرفة مما يوصل بينه، وبين السعي، فإنه يرمل فيه وكان مالك يستحب ذلك، وكان ابن عمر لا يرى عليهم رملا، إذا طافوا بالبيت على ما روى عنه مالك. وسبب الخلاف: هل الرمل كان لعلة، أو لغير علة؟ وهل هو مختص بالمسافر، أم لا؟ وذلك أنه كان عليه الصلاة والسلام حين رمل واردا على مكة. واتفقوا على أن من سنة الطواف استلام الركنين: الأسود، واليماني للرجال دون النساء واختلفوا هل تستلم الأركان كلها أم لا؟ فذهب الجمهور إلى أنه إنما يستلم الركنان فقط لحديث ابن عمر أن رسول الله (ص) لم يكن يستلم إلا الركنين فقط واحتج من رأى استلام جميعها بما روي عن جابر قال: كنا نرى إذا طفنا أن نستلم الأركان كلها. وكان بعض السلف لا يحب أن يستلم الركنين إلا في الوتر من الأشواط. وكذلك أجمعوا على أن تقبيل الحجر الأسود خاصة من سنن الطواف إن قدر، وإن لم يقدر على الدخول إليه، قبل يده، وذلك لحديث عمر بن الخطاب الذي رواه مالك أنه قال وهو يطوف بالبيت حين بلغ الحجر الأسود:
إنما أنت حجر، ولولا أني رأيت رسول الله قبلك، ما قبلتك، ثم قبله. وأجمعوا على أن من سنة الطواف ركعتين بعد انقضاء الطواف، وجمهورهم على أنه يأتي بها الطائف عند انقضاء كل أسبوع إن طاف أكثر من أسبوع واحد، وأجاز بعض السلف ألا يفرق بين