ابن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة ان زنت الثالثة فليبعها ولو بحبل من شعر، وهكذا رواه عبد الرزاق عن عبيد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد أنه سمع أبا هريرة، وهكذا أيضا رواه خالد بن الحارث عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة فلم يذكروا زناها المرة الثالثة جلدا بل ذكروا البيع فقط، وعن أبي صالح عن أبي هريرة أن يقام الحد عليها ثلاث مرات ثم تباع بعد الثالثة مع الجلد، وهكذا رواه سفيان بن عيينة قال علي: فوجب أن يلغى الشك ويستقر البيع بعد الثالثة مع الجلد، والطرق كلها في ذلك في غاية الصحة، وكل ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو عن الله تعالى قال الله تعالى: (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى) فإذ ذلك كذلك فأمره صلى الله عليه وسلم بالبيع في الثالثة ندب * برهان ذلك أمره بالبيع في الرابعة لا يمكن البتة إلا هذا لأنه لو كان أمره صلى الله عليه وسلم في الثالثة فرضا لما أباح حبسها إلى الرابعة * وأما البيع في الرابعة ففرض لابد منه لان أوامره صلى الله عليه وسلم على الفرض لقول الله تعالى: (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) الآية * قال أبو محمد رحمه الله: ويجبره السلطان على بيعها أحب أم كره بما ينتهي إليه العطاء فيها ولا يتأتى بها طلب زيادة ولا سوق كما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ان تباع ولو بحبل من شعر أو ضفير من شعر إذا لم يوجد فيها إلا ذلك، فان زنت في خلال تعريضها للبيع أو قبل أن تعرض حدها أيضا لعموم أمره صلى الله عليه وسلم بجلدها ان زنت وكذلك إن غاب السيد أو مات فلا بد من بيعها على الورثة ضرورة، فان كانت لصغار جلدها الولي أو الكافل لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم في رواية مالك عن الزهري فاجلدوها فهو عموم لكل من قام به، ولا يلزم البيع في العبد إذا زنى لان رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أمر بذلك في الأمة إذا زنت وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحي يوحى، ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه، وكذلك ان سرقت الأمة أو شربت الخمر فإنها تحد ولا يلزم بيعها لان النص إنما جاء في زناها فقط وما كان ربك نسيا * قال أبو محمد رحمه الله: فلو أعتقها السيد إذا تبين زناها لم ينفذ عتقه بل هو مردود لأنه مأمور ببيعها واخراجها عن ملكه فهو في عتقه إياها، أو كتابته لها، أو هبته إياها، أو الصدقة بها، أو اصداقها، أو اجارتها، أو تسليمها في شئ بصفة غير البيع مما شاء نقدا أو إلى أجل بدنانير أو بدراهم مخالف لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد قال عليه السلام: " من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد " وكذلك لو دبرها فمات أو أوصى بها فكل ذلك باطل ولابد من بيعها *
(١٦٧)