على قوله تعالى: (فإذا أحصن فان أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) وعظم عندكم أن تخالفوا قوله: (فاقطعوا أيديهما) قياسا على قوله: (فإذا أحصن فان أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) ان هذا لعجب جدا. قال أصحابنا: ووجدنا الله تعالى يقول: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا)، فكان من المحال أن يريد الله تعالى أن يكون حكم العبد والأمة في ذلك بخلاف حكم الحر والحرة ثم لا يبينه هذا أمر قد تيقنا أن الله تعالى لا يكلفنا إياه ولا يريده منا قالوا: وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا شرب فاجلدوه " وجلد في الخمر حدا مؤقتا ولم يخص عليه السلام بذلك الحكم حرا من عبد ولا حرة من أمة وهو المبين عن الله تعالى * قال أبو محمد رحمه الله: كل ما ذكره أصحابنا فهو حق صحيح إن لم تأت سنة ثابتة تبين صحة ما ذهبنا إليه، وأما إن جاءت سنة صحيحة توجب ما قلنا فالواجب الوقوف عندما جاءت به السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المبين لنا مراد ربنا تعالى فنظرنا في ذلك فوجدنا ما ثناه عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب أخبرني محمد بن إسماعيل ابن إبراهيم بن علية نا يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن أيوب السختياني عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا أصاب المكاتب حدا أو ميراثا ورث بحساب ما عتق منه وأقيم عليه الحد بحساب ما عتق منه " * حدثنا عبد الله بن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب أنا محمد بن عيسى الدمشقي نا يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن قتادة وأيوب السختياني قال قتادة عن خلاس بن عمرو عن علي بن أبي طالب، وقال أيوب عن عكرمة عن ابن عباس، ثم اتفق علي. وابن عباس كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " المكاتب يعتق منه بقدر ما أدى ويقام عليه الحد بقدر ما عتق منه ويرث بقدر ما عتق منه " * قال أبو محمد رحمه الله: هذا اسناد عجيب كأن عليه من شمس الضحى نورا ما ندري أحدا غمزه بشئ إلا أن بعضهم ادعى أن وهيبا أرسله * قال أبو محمد رحمه الله: فكان ماذا إذا أرسله وهيب؟ قد أسند حكم المكاتب فيما ذكرنا وفي ديته حماد بن سلمة. وحماد بن زيد عن أيوب وأسنده علي بن المبارك ويحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس صلى الله عليه وسلم، وأيضا فان الحنيفيين والمالكيين متفقون على أن المرسل كالمسند ولا فرق، فعلى قولهم ما زاده ارسال وهيب بن خالد الاقرة فإذ قد صح وثبت فقد وجب ضرورة بنص حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن حدود المماليك جملة عموما لذكورهم وإناثهم مخالفة لحكم حدود الأحرار عموما لذكورهم
(١٦٣)