والاجماع على أن حد الأمة المحصنة في الزنى نصف حد الحرة المحصنة، وصح النص والاجماع أن حد العبد في القتل بالسيف والصلب كحد الحر وكذلك في النفي غير المؤقت فكان يلزمهم على أصولهم التي ينتمون إليها في القول بالقياس على أن يجعلوا ما اختلف فيه من القطع مردودا إلى أشبه الجنسين به فهذه عمدتهم التي اتفقوا عليها في القياس فإذا فعلوا هذا وجب أن يكون القطع مقيسا على الجلد لا على القتل ولا على النفي غير المؤقت وذلك أن القتل لا يتنصف وكذلك النفي غير المؤقت، وأما الجلد فيتنصف والقطع يتنصف فكان قياس ما يتنصف على ما يتنصف أولى من قياس ما يتنصف على ما لا يتنصف هذا أصح قياس لو صح شئ من القياس يوما ما * قال أبو محمد رحمه الله: فنظرنا في ذلك ليلوح الحق من ذلك فنتبعه فوجدناهم يقولون قال الله تعالى في الإماء: (فإذا أحصن فان أتين بفاحشة. فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب) فكان هذا من الله تعالى لا يحل خلافه، وقال تعالى: (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) ولم يخص الله تعالى من ذلك إلا الإماء فقط وما كان ربك نسيا، وأبقى العبيد فلم يخص كما خص الإماء، ومن الباطل أن يريد الله تعالى أن يخص العبيد مع الإماء فيقتصر على ذكر الإماء ويمسك عن ذكر العبيد ويكلفنا من ذلك علم الغيب ومعرفة ما عنده مما لم يعرفنا به حاشى لله تعالى من هذا وكذلك قال الله عز وجل: (والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة) فلم يخص تعالى ههنا أمة من حرة ولا عبدا من حر ومن الباطل أن يريد الله تعالى أن لا تجلد العبيد والإماء في القذف ثمانين جلدة ويكون أقل من ذلك ثم يأمرنا بجلد من قذف ثمانين جلدة ولا يبين ذلك لنا أفي حر دون عبد وفي حرة دون أمة وهذا خلاف قوله تعالى: (ما فرطنا في الكتاب من شئ) وقوله تعالى: (تبيانا لكل شئ) وقد قال الله تعالى: (تلك حدود الله فلا تعتدوها) فكان حد القذف من حدود الله تعالى وحد الزنا من حدود الله تعالى فلا يحل أن يتعدى ما حد الله تعالى منها وحد الله تعالى في القذف ثمانين وفي الزنا مائة فلا يحل لاحد أن يتعدى ما حد الله تعالى في أحدهما إلى ما حد الله تعالى في الآخر، فوضح بلا شك أن من حمل أحدهما على الآخر في عبد أو أمة أو حر أو حرة فقد تعدى حدود الله وسوى ما خالف الله تعالى بينهما، وقال الله تعالى: (والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما) فقلتم: إن الحر والعبد والأمة سواء فأين زهق عنكم قياسكم الذي خالفتم به القرآن في حد العبد القاذف والأمة القاذفة؟
ومن أين وجب أن تستسهلوا مخالفة قول الله تعالى: (فاجلدوهم ثمانين جلدة) قياسا