رضي الله عنه، وقال أصحاب أبي حنيفة: لا باس بان يستعان عليهم باهل الحرب وباهل الذمة وبأمثالهم من أهل البغي، وقد ذكرنا هدا في كتاب الجهاد من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أننا لا نستعين بمشرك، وهذا عموم مانع من أن يستعان به في ولاية أو قتال أو شئ من الأشياء إلا ما صح الاجماع على جواز الاستعانة به فيه كخدمة الدابة أو الاستئجار. أو قضاء الحاجة ونحو ذلك مما لا يخرجون فيه عن الصغار، والمشرك اسم يقع على الذمي والحربي * قال أبو محمد رحمه الله: هذا عندنا ما دام في أهل العدل منعة فان أشفوا على الهلكة واضطروا ولم تكن لهم حيلة فلا بأس بان يلجئوا إلى أهل الحرب وأن يمتنعوا باهل الذمة ما أيقنوا أنهم في استنصارهم لا يؤذون مسلما ولا ذميا في دم أو مال أو حرمة مما لا يحل * برهان ذلك قول الله تعالى: (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه) وهذا عموم لكل من اضطر إليه إلا ما منع منه نص أو اجماع، فان علم المسلم واحدا كان أو جماعة أن من استنصر به من أهل الحرب أو الذمة يؤذون مسلما أو ذميا فيما لا يحل فحرام عليه أن يستعين بهما وان هلك، لكن يصبر لأمر الله تعالى وان تلفت نفسه وأهله وماله أو يقاتل حتى يموت شهيدا كريما، فالموت لابد منه ولا يتعدى أحد أجله، برهان هذا أنه لا يحل لاحد ان يدفع ظلما عن نفسه بظلم يوصله إلى غيره، هذا ما لا خلاف فيه * وأما الاستعانة عليهم ببغاة أمثالهم فقد منع من ذلك قوم واحتجوا بقول الله تعالى: (وما كنت متخذ المضلين عضدا) وأجازه آخرون وبه نأخذ لأننا لا نتخذهم عضدا ومعاذ الله ولكم نضربهم بأمثالهم صيانة لأهل العدل كما قال الله تعالى: (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا) وان أمكننا ان نضرب بين أهل الحرب من الكفار حتى يقاتل بعضهم بعضا ويدخل إليهم من المسلمين من يتوصل بهم إلى أذى غيرهم فذلك حسن، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان الله ينصر هذا الدين بقوم لا خلاق لهم " كما حدثنا عبد الله ابن ربيع نا محمد بن معاوية نا أحمد بن شعيب أخبرني عمران بن بكار بن راشد ثنا أبو اليمان أنا شعيب - هو ابن أبي حمزة - عن الزهري أخبرني سعيد بن المسيب ان أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان الله ليؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر " وحدثنا عبد الله ابن ربيع ثنا محمد بن معاوية ثنا أحمد بن شعيب أنا محمد بن سهل بن عسكر ثنا عبد الرزاق أنا رياح بن زيد عن معمر بن راشد عن أيوب السختياني عن أبي قلابة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ان الله ليؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم " * قال أبو محمد رحمه الله: فهذا يبيح الاستعانة على أهل الحرب بأمثالهم وعلى أهل
(١١٣)