الزكاة، لأنه غير متمكن منه قبله، وإنما يبطل بالتأخير مع التمكن، ولا فرق في ذلك بين عروض التجارة والماشية التي تجب زكاتها من غير جنسها، وهي الإبل دون خمس وعشرين، وبين سائر الأموال. وفي كلام ابن الحداد: تجويز الرد قبل إخراج الزكاة، ولم يثبتوه وجها. وإن أخرج الزكاة، نظر، إن أخرجها من مال آخر، بني جواز الرد على أن الزكاة تتعلق بالعين، أم بالذمة؟ وفيه خلاف يأتي إن شاء الله تعالى. فإن قلنا: بالذمة والمال مرهون به، فله الرد، كما لو رهن ما اشتراه، ثم انفك الرهن، ووجد به عيبا. وإن قلنا: المساكين شركاء، فهل له الرد؟ فيه طريقان. أحدهما، وهو الصحيح عند الشيخ أبي علي وقطع به كثيرون: له الرد.
والثاني، وبه قطع العراقيون والصيدلاني وغيره: أنه على وجهين، كما لو اشترى شيئا وباعه وهو غير عالم بعيب، ثم اشتراه أو ورثه، هل له رده؟ فيه خلاف. ولنا وجه: أنه ليس له الرد على غير قول الشركة أيضا، لان ما أخرجه عن الزكاة، قد يظهر مستحقا فيتبع الساعي عين النصاب. ومنهم من خص الوجه بقدر الزكاة، وجعل الزائد على قولي تفريق الصفقة، وهذا الوجه شاذ منكر، وإن أخرج الزكاة من نفس المال، فإن كان الواجب من جنس المال أو من غيره، فباع منه بقدر الزكاة، فهل له رد الباقي؟ فيه ثلاثة أقوال. المنصوص عليه في الزكاة: ليس له ذلك، وهذا إذا لم نجوز تفريق الصفقة. وعلى هذا، هل يرجع بالأرش؟ وجهان. أحدهما: لا يرجع إن كان المخرج باقيا في يد المساكين، فإنه قد يعود إلى ملكه فيرد الجميع، وإن كان تالفا، رجع. والثاني: يرجع مطلقا وهو ظاهر النص، لان نقصانه كعيب حادث، فلو حدث عيب، رجع بالأرش ولم ينتظر زوال العيب. والقول الثاني:
يرد الباقي بحصته من الثمن، وهذا إذا جوزنا تفريق الصفقة. والقول الثالث: يرد الباقي وقيمة المخرج في الزكاة، ويسترد جميع الثمن ليحصل غرض الرد، ولا تتبعض الصفقة، ولو اختلفا في قيمة المخرج على هذا القول، فقال البائع:
ديناران، وقال المشتري: دينار، فقولان. أحدهما: القول قول المشتري، لأنه غارم. والثاني: قول البائع، لان ملكه ثابت على الثمن، فلا يسترد منه إلا ما أقر به.