دائما أو أكثر، فالحكم له. فإن استويا في ذلك، وكان عزمه الرجوع إلى أحدهما، فالحكم له. فإن لم يكن له عزم، فالحكم للذي خرج منه. ولو استوطن غريب مكة، فهو حاضر. وإن استوطن مكي العراق، فغير حاضر. ولو قصد الغريب مكة فدخلها متمتعا ناويا الإقامة بها بعد الفراغ من النسكين، أو من العمرة، أو نوى الإقامة بها بعد ما اعتمر، فليس بحاضر، فلا يسقط عنه الدم.
فرع ذكر الغزالي رحمه الله مسألة، وهي من مواضع التوقف، ولم أجدها لغيره بعد البحث. قال: والأفقي إذا جاوز الميقات غير مريد النسك، فاعتمر عقب دخوله مكة، ثم حج، لم يكن متمتعا، إذ صار من الحاضرين، إذ ليس يشترط فيه قصد الإقامة، وهذه المسألة تتعلق بالخلاف في أن من قصد مكة هل يلزمه الاحرام بحج أو عمرة أم لا؟ ثم ما ذكره من اعتبار اشتراط الإقامة، ينازعه فيه كلام الأصحاب ونقلهم عن نصه في الاملاء والقديم، فإنه ظاهر في اعتبار الإقامة، بل في اعتبار الاستيطان. وفي النهاية والوسيط حكاية وجهين في صورة تداني هذه. وهي أنه لو جاوز الغريب الميقات، وهو لا يريد نسكا، ولا دخول الحرم، ثم بدا له بقرب مكة أن يعتمر، فاعتمر منه وحج بعدها على صورة التمتع، هل يلزمه الدم؟ أحد الوجهين: لا يلزمه لأنه حين بدا له، كان على مسافة الحاضر.
وأصحهما: يلزمه، لأنه وجدت صورة التمتع، وهو غير معدود من الحاضرين.