رعاية الأهمية، فقد يجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع العلم بترتب الضرر أيضا، فضلا عن الظن به أو احتماله.
(مسألة 190): الظاهر أن وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لا يختص بصنف من الناس دون صنف، بل يجب عند اجتماع الشرائط المذكورة على العلماء وغيرهم، والعدول والفساق والسلطان والرعية والأغنياء والفقراء، وقد تقدم أنه إن قام به واحد سقط الوجوب عن غيره، وإن لم يقم به أحد أثم الجميع واستحقوا العقاب.
المشهور أن للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب:
الاولى: الإنكار بالقلب، بمعنى: إظهار كراهة المنكر، أو ترك المعروف، إما بإظهار الإنزعاج من الفاعل، أو الإعراض والصد عنه، أو ترك الكلام معه، أو نحو ذلك من فعل أو ترك يدل على كراهة ما وقع منه.
الثانية: الإنكار باللسان والقول بأن يعظه وينصحه ويذكر له ما أعد الله سبحانه للعاصين من العقاب الأليم والعذاب في الجحيم، أو يذكر له ما أعده الله تعالى للمطيعين من الثواب الجسيم والفوز في جنات النعيم.
الثالثة: الإنكار باليد بالضرب المؤلم الرادع عن المعصية، ولكل واحدة من هذه المراتب مراتب أخف وأشد، والمشهور الترتب بين هذه المراتب، فإن كان إظهار الإنكار القلبي كافيا في الزجر اقتصر عليه، وإلا أنكر باللسان، فان لم يكف ذلك أنكر بيده، ولكن الظاهر أن القسمين الأولين في مرتبة واحدة فيختار الآمر أو الناهي ما يحتمل التأثير منهما، وقد يلزمه الجمع بينهما، وأما القسم الثالث فهو مترتب على عدم تأثير الأولين، والأحوط - لزوما - في هذا القسم الترتيب بين مراتبه، فلا ينتقل إلى الأشد، إلا إذا لم يكف الأخف.