الخامس: أن لا يتخد نفس السفر عملا له أو مقدمة لعمله، والأول كالمكاري والملاح والبحار والطيار والمضيف الذي يستأجره الشخص لمرافقة مسافريه في الطائرة أو السيارة أو تستأجره الشركة لذلك، والثاني كالساعي والراعي والتاجر الذي يدور في تجارته، وغيرهم ممن عمله في السفر إلى المسافة فما زاد، فإن هؤلاء يتمون الصلاة في سفرهم، وإن استعملوه لأنفسهم، كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان إلى آخر، أو حمل السائق أو الطيار أهله من بلد إلى بلد آخر، وكما أن التاجر الذي يدور في تجارته يتم الصلاة، كذلك العامل الذي يدور في عمله، كالنجار الذي يدور في الرساتيق لتعمير النواعير والكرود، والبناء الذي يدور في الرساتيق لتعمير الآبار التي يستقى منها للزرع، والحداد الذي يدور في الرساتيق والمزارع لتعمير الماكينات وإصلاحها، والنقار الذي يدور في القرى لنقر الرحى، وأمثالهم من العمال الذين يدورون في البلاد والقرى والرساتيق للاشتغال والعمل، مع صدق الدوران في حقهم عرفا، وأن يكون ذلك بمسافة شرعية، ومثلهم الحطاب والجلاب الذي يجلب الخضر والفواكه والحبوب ونحوها إلى البلد، فإنهم يتمون الصلاة، ويلحق بذلك من كان عمله ومهنته في بلد معين يبعد من بلدته بقدر المسافة الشرعية، ويسافر إلى ذلك البلد لمزاولة عمله ومهنته فيه صباحا ويرجع إلى بلدته مساء أو بعد يوم ويوم أو في كل أسبوع مرة واحدة أو أكثر، من دون أن يتخذ ذلك البلد مقرا ووطنا له، فوظيفته عندئذ التمام في الطريق ذهابا وإيابا وفي بلد عمله، وأما إذا اتخذ بلد عمله مقرا ووطنا له بأن قرر أن يبقى فيه ثلاث أو أربع سنين أو أكثر، فحينئذ يعتبر ذلك البلد وطنا اتخاذيا له ويترتب عليه تمام أحكام الوطن وتكون وظيفته فيه التمام، لا من أجل أنه يمارس عمله فيه بل من أجل أنه متواجد في وطنه، وأما في الطريق فوظيفته القصر حتى إذا كان ذهابه وإيابه بين يوم وآخر بل في كل يوم، ولمزيد من التعرف على هذه المسائل نذكر الحالات التالية:
(٣٦٣)