الثامنة: أنه لا يكفي في وجوب التمام أن يمارس مهنته في ضمن سفره وتجوله من بلد إلى آخر أو مكان إلى مكان آخر للتنزه أو لزيارة المشاهد المشرفه، ولكنه يقضي أوقاته في ضمن هذا السفر بالاشتغال بمهنته للتكسب أو الاتجار بذلك من دون أن يكون لسفره علاقة بهذه المهنة، فإنه كما يزاولها في السفر كذلك يزاولها في الحضر، وليس عمله مرتبطا بالسفر حتى يكون السفر عمله، مثال ذلك: حداد يسافر بقدر مسافة للتنزه متجولا من مكان إلى مكان، ولكنه في ضمن ذلك يشتغل وقت فراغه بالحدادية للتكسب بها، مع أنه لا علاقة لسفره بهذه المهنة ولا يكون من أجلها، ومثل هذا الشخص يقصر في صلاته.
التاسعة: أن من كان السفر عمله إذا مارس، فعليه أن يتم في صلاته في مقر العمل وفي الطريق ذهابا وإيابا، وكذلك يتم في صلاته في كل سفر مرتبط بعمله ومهنته، كما إذا انكسرت سيارته في الطريق وتوقف إصلاحها على يد عامل فني وهو في بلد بعيد عن هذا المكان بقدر المسافة، فإنه حينئذ بحاجة إلى السفر إلى ذلك البلد، فإذا سافر إليه فوظيفته أن يتم في الذهاب والإياب، على أساس أنه مرتبط بعمله ومهنته، وأما سفره الذي لا يرتبط به فهو سفر اعتيادي له ووظيفته فيه القصر وإن كثر.
العاشرة: لا فرق في وجوب التمام على من يكون عمله السفر بين أن يكون في طول السنة أو في أحد فصولها، لأن المعيار إنما هو بصدق أن هذا السفر هو عمله ومهنته بل يكفي أن يكون في ضمن شهرين أو أقل إذا صدق أن عمله ومهنته في السفر، ومن ذلك سفر الحملدار والمتعهد بقوافل الحجاج، فإنه يمارس عمله في السفر في ضمن شهر أو أكثر في موسم الحج في طول السنة، وحيث إن تلك السفرة بدرجة من الأهمية فيصدق أنه عمله ومهنته، ولذا لو سئل ما هو عمله ومهنته فيقال إن مهنته الحملدارية.