وأما التعازير والتأديبات فالقاعدة الأولية تقتضي الضمان فيها، لقوله (عليه السلام): " لا يبطل دم امرئ مسلم. " (1) ويمكن أن يستدل لعدم الضمان فيها بأصالة البراءة، وبقاعدة الإحسان، وبالأخبار التي مرت بناء على عموم الحد لهما بتقريب أن لفظ الحد كلما ذكر منفردا فلا يراد به إلا كل ما شرع لتحديد الجاني ومنعه. هذا مضافا إلى ظهور اتحاد الحكم في الجميع بنظر العرف أيضا.
ولكن الأحوط هو الحكم بالضمان ولا سيما في التأديبات، فإن الأصل لا يقاوم الدليل. والضمان في التعازير على بيت المال لاعلى الحاكم المحسن. وكون المراد بالحد في الأخبار المذكورة هو الأعم قابل للمنع. وقد مر الفرق بين الحدود وبين التعازير و التأديبات بأن الموت في الحد مستند إلى حكم الله وأما فيهما فيحتمل استناده إلى خطأ الحاكم أو الولي في تعيين المقدار. نعم، لا يجري هذا في الإمام المعصوم.
ثم إن هذا كله فيما إذا لم يتعد المنفذ للحكم عن وظيفته، وإلا فهو ضامن قطعا واستقر الضمان على نفسه:
1 - ففي خبر سماعة، عن أبي عبد الله (عليه السلام)، قال: " إن لكل شيء حدا، ومن تعدى ذلك الحد كان له حد. " 2 - وقال الصدوق: خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: " إن الله حد حدودا فلا تعتدوها. " 3 - وفي خبر السكوني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) عن آبائه (عليه السلام)، قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):
" من بلغ حدا في غير حد فهو من المعتدين. " 4 - وفي صحيحة حمران بن أعين، عن أبي جعفر (عليه السلام) قال: " من الحدود ثلث جلد،