الإقرار فيها عدد الشهود فيها، فتدبر.
بقي الكلام فيما إذا وجد الاتهام ولم يثبت بعد بالدليل; فهل يجوز بمجرد ذلك مزاحمة المتهم وحبسه أو تعزيره للكشف؟ في المسألة تفصيل يطول البحث بالتعرض له، فلنكتف بنقل ما ذكره الماوردي في المقام ملخصا ثم نتعرض لنكت من البحث بنحو الإجمال و نحيل التفصيل إلى الفضلاء المتتبعين.
قال الماوردي في الأحكام السلطانية ما ملخصه:
" الجرائم محظورات شرعية زجر الله - تعالى - عنها بحد أو تعزير. ولها عند التهمة حال استبراء تقتضيه السياسة الدينية، ولها عند ثبوتها وصحتها حال استيفاء توجبه الأحكام الشرعية.
فأما حالها بعد التهمة وقبل الثبوت فمعتبر بحال الناظر فيها: فإن كان حاكما رفع إليه رجل قداتهم بسرقة أو زنا، لم يكن للتهمة تأثير عنده ولم يجز له أن يحبسه لكشف و لا استبراء، ولا أن يأخذه بأسباب الإقرار إجبارا، ولم يسمع الدعوى في السرقة إلا من خصم مستحق، وراعى ما يبدو من إقرار المتهوم أو إنكاره، وإن اتهم بالزنا لم يسمع الدعوى عليه إلا بعد أن يذكر المرأة التي زنى بها ويصف ما فعله بها بما يوجب الحد، فإن أقر حده، وإن أنكر وكانت بينة سمعها عليه، وإلا أحلفه في حقوق الآدميين إذا طلب الخصم دون حقوق الله.
وإن كان الناظر الذي دفع إليه المتهوم أميرا أو من ولاة الأحداث كان له من أسباب الكشف والاستبراء ما ليس للقضاة والحكام، وذلك من تسعة أوجه يختلف بها حكم النظرين:
الأول: أنه يجوز للأمير أن يسمع قرف المتهوم من أعوان الإمارة من غير تحقيق للدعوى المقررة، ويرجع إلى قولهم في الإخبار عن حال المتهوم وهل هو من أهل الريب؟ وهل هو معروف بمثل ما قرف أم لا؟ فإن برؤوه من مثل ذلك خفت التهمة ووضعت وعجل إطلاقه، وإن قرفوه بأمثاله غلظت التهمة وقويت واستعمل فيها من حال الكشف. وليس هذا للقضاة.
والثاني: أن للأمير أن يراعي شواهد الحال وأوصاف المتهوم في قوة التهمة