والوطء في الفرج في إحرام الحج قبل الوقوف بعرفة فساده بلا خلاف ويلزم المضي فيه بلا خلاف إلا من داود. وقوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة، يبطل قوله لأنه لم يفرق في الأمر بالإتمام بين ما فسد وبين ما لم يفسد ويجب عليه مع ذلك بدنة بدليل الاجماع المشار إليه وطريقة الاحتياط، ويحتج على أبي حنيفة في قوله: شاة بما روي من طرقهم عن عمر وابن عباس من قولهما: من وطئ قبل التحليل أفسد حجه وعليه ناقة، ولا مخالف لهما.
وحكم الوطء في الفرج بعد عرفة وقبل الوقوف بالمشعر عندنا حكم الوطء قبل عرفة بدليل ما قدمناه من الاجماع وطريقة الاحتياط، وأيضا فقد ثبت وجوب الوقوف بالمشعر على ما سندل عليه وأنه ينوب في تمام الحج عن الوقوف بعرفة لمن لم يدركه، وكل من قال بذلك قال بفساد الحج بالجماع قبله فالتفرقة بين الأمرين يبطلهما الاجماع، ويعارض المخالف بما روي من طرقهم من قوله ص وهو بالمزدلفة:
من وقف معنا هذا الموقف وصلى معنا هذه الصلاة وقد كان قبل ذلك وقف بعرفة ساعة من ليل أو نهار فقد تم حجه، فعلق تمام الحج بالوقوف بالموقفين، وما رووه من قوله عليه السلام: من وقف بعرفة فقد تم حجه، وقوله: الحج عرفة، خبر واحد لا يحتج علينا به ويعارضه ما قدمناه، ويجوز حمل قوله: الحج عرفة، على أن المراد به معظم الحج عرفة، وقوله: فقد تم حجه على أن المراد أنه قارب التمام، كما حملنا كلنا على ذلك قوله ع: إذا رفع الإمام رأسه من السجدة الأخيرة فقد تمت صلاته.
وفي الوطء بعد الوقوف بالمشعر وقبل التحليل بدنة ولا يفسد الحج بدليل الاجماع المشار إليه، وأيضا فإفساد الحج يفتقر إلى دليل وليس في الشرع ما يدل عليه، فأما وطء المرأة في دبرها وإتيان الغلام والبهيمة فلا خلاف بين أصحابنا أن فيه بدنة، واختلفوا في هل يفسد الحج إذا وقع قبل عرفة أو قبل المشعر أم لا؟ فمن قال: يفسده دليله طريقة الاحتياط ومن قال: لا يفسده، دليله أن الأصل الصحة وبراءة الذمة من القضاء.
وتكرار الوطء يوجب تكرار الكفارة وهي بدنة سواء كان في مجلس واحد أم لا، وسواء كفر عن الأول أم لا، بدليل ما قدمناه من الاجماع وطريقة الاحتياط، وليس