حجته المنذورة عن حجة الاسلام لأن الرسول ع قال: الأعمال بالنيات.
وعليه حجتان، فكيف تجزئه حجة واحدة عن حجتين؟ وإنما هذا خبر واحد أورده إيرادا لا اعتقادا على ما ذكرنا الاعتذار له في عدة مواضع فإنه رجع عنه في جمله وعقوده وفي مسائل خلافه وقال: الفرضان لا يتداخلان، وجعل ما ذكره في النهاية رواية ما اعتد بها ولا التفت إليها.
ومن نذر أن يحج ماشيا ثم عجز فليركب ولا كفارة عليه ولا شئ يلزمه على الصحيح من المذهب، وهذا مذهب شيخنا المفيد في مقنعته. وقال شيخنا أبو جعفر الطوسي في نهايته: فليسق بدنة وليركب وليس عليه شئ.
وإن لم يعجز عن المشي كان عليه الوفاء به فإذا انتهى إلى مواضع العبور فليكن قائما فيها وليس عليه شئ.
ومن حج من أهل القبلة وهو مخالف لاعتقاد الحق ولم يخل بشئ من أركانه فقد أجزأته حجته عن حجة الاسلام ويستحب له إعادة الحج بعد استبصاره، وإن كان قد أخل بشئ من أركان الحج لم يجزئه ذلك عن حجة الاسلام وكان عليه قضاؤها فيما بعد.
وذهب شيخنا في مسائل خلافه إلى أنه قال: مسألة من قدر على الحج عن نفسه لا يجوز أن يحج عن غيره وإن كان عاجزا عن الحج عن نفسه لفقد الاستطاعة جاز له أن يحج عن غيره وبه قال الثوري، وقال مالك وأبو حنيفة: يجوز له أن يحج عن غيره على كل حال قدر عليه أو لم يقدر وكذلك يجوز له أن يتطوع به وعليه فرض نفسه، وبه نقول، ومن كان عاجزا عن الحج عن نفسه لفقد الاستطاعة جاز له أن يحج عن غيره.
قال محمد بن إدريس: قوله رحمه الله: وبه نقول، غير واضح والمذهب يقتضي أصوله أن من وجب عليه حجة الاسلام لا يجوز له أن يتطوع بالحج قبلها لأن وجوب حجة الاسلام عندنا على الفور دون التراخي بغير خلاف، فالواجب المضيق كل ما منع منه فهو قبيح وإنما هذا مذهب أبي حنيفة اختاره شيخنا أبو جعفر الطوسي في مسائل خلافه وقوله في غير هذا الكتاب بخلاف ما ذهب إليه فيه.