إما من المال أو الصناعة أو الحرفة، وتخلية السرب من الموانع، وإمكان المسير.
وقولهم إمكان المسير هو غير تخلية السرب لأن السرب الطريق، بفتح السين، وإمكان المسير يراد به أنه وجد القدرة من المال في زمان لا يمكنه الوصول إلى مكة لضيق الوقت، مثال ذلك أن رجلا من بغداد وهو فقير استغنى ووجد شرائط الحج في أول ذي الحجة أو كان قد بقي ليوم عرفة ثلاثة أيام أو أقل من ذلك والطريق مخلى أمين فلا يجب عليه في هذه السنة الحج لأنه لا يمكن المسير بحيث يدرك الحج وأوقاته وأمكنته في هذه المدة، فإن وجد المال والشرائط ومعه من الزمان ما يمكنه الوصول وإدراك هذه المواضع في أوقاتها فقد أمكنه المسير، فهذا معنى إمكان المسير.
ومتى اختل شئ من هذه الشرائط الثمان سقط الوجوب ولم يسقط الاستحباب، هذا على قول بعض أصحابنا فإنهم مختلفون في ذلك، فبعض يذهب إلى أنه لا يجب إلا مع هذه الشرائط الثمانية وبعض منهم يقول: يجب الحج على كل حر مسلم بالغ عاقل متمكن من الثبوت على الراحلة إذا زالت المخاوف والقواطع، ووجد من الزاد والراحلة ما ينهضه في طريقه وما يخلفه لعياله من النفقة، وعبارة أخرى لمن لا يراعي الثماني شرائط بل يسقط الرجوع إلى كفاية ويراعى سبع شرائط فحسب قال: الحج يجب على كل حر، بالغ، كامل العقل، صحيح الجسم متمكن من الاستمساك على الراحلة، مخلى السرب من الموانع، يمكنه المسير، واجد للزاد والراحلة ولما يتركه من نفقة من يجب عليه نفقته على الاقتصاد، ولما ينفقه على نفسه ذاهبا وجائيا بالاقتصاد، وإلى المذهب الأول ذهب شيخنا أبو جعفر الطوسي في سائر كتبه إلا في الاستبصار ومسائل خلافه، وإلى المذهب الثاني ذهب السيد المرتضى في سائر كتبه حتى أنه ذهب في الناصريات إلى أن الاستطاعة التي يجب معها الحج صحة البدن وارتفاع الموانع والزاد والراحلة فحسب، وقال رحمه الله: وزاد كثير من أصحابنا أن يكون له سعة يحج ببعضها ويبقى بعضا لقوت عياله، ثم قال رضي الله عنه: دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتكرر ذكره، أنه لا خلاف في أن من حاله ما ذكرناه أن الحج يلزمه.
قال محمد بن إدريس رحمه الله: الذي يقوى في نفسي وثبت عندي وأختاره وأفتى به وأعتقد صحته ما ذهب إليه السيد المرتضى واختاره، لأنه إجماع المسلمين قاطبة إلا مالكا فإنه لم يعتبر الراحلة ولا الزاد إذا كان ذا صناعة يمكنه الاكتساب بها في طريقه، وإن