يجب عليه الحج والجمعة معا، وقال أبو حنيفة: لا يجب عليه الحج وإن قدر على جميع ما قلناه دليلنا قوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، وهذا مستطيع فمن أخرجه من العموم فعليه الدلالة، هذا آخر كلام شيخنا ألا ترى أرشدك الله إلى استدلاله فإن كان يعتبر الرجوع إلى الكفاية على ما يذكره في بعض كتبه في وجوب الحج فقول أبي حنيفة صحيح لا حاجة به إلى الرد عليه بل رد عليه بالآية وعمومها، ونعم ما استدل به فإنه الدليل القاطع والضياء الساطع والشفاء النافع. وقال أيضا في مبسوطه شيخنا أبو جعفر الطوسي: مسألة إذا بذل له الاستطاعة قدر ما يكفيه ذاهبا وجائيا ويخلف لمن يجب عليه نفقته لزمه فرض الحج لأنه مستطيع. هذا آخر كلامه في مبسوطه وجعل هذا الكلام مسألة في مسائل خلافه أيضا فهل يحل لأحد أن يقول: إن الشيخ أبا جعفر الطوسي رحمه الله ما يذهب إلى ما يذهب إليه المرتضى في هذه المسألة، بعد ما أوردناه عنه وإن كان في بعض كتبه يقول بغير هذا فنأخذ ما اتفقا عليه ونترك القول الذي انفرد به أحدهما إن قلدا في ذلك ونعوذ بالله من ذلك بل يجب علينا الأخذ بما قام الدليل عليه كان القائل به كائنا من كان، وأيضا فقد بينا أنه إذا اختلف أصحابنا الإمامية في مسألة ولم يكن عليها إجماع منهم منعقد فالواجب علينا التمسك بظاهر القرآن إن كان عليها ظاهر تنزيل، وهذه المسألة فلا إجماع عليها بغير خلاف عند من خالفنا وذهب إلى غير ما اخترناه، وإذا لم يكن له إجماع عليها قلنا نحن: ظاهر التنزيل دليل عليها وعموم الآية ولا يجوز العدول عنه ولا نخصصه إلا بأدلة قاطعة للأعذار إما من كتاب الله تعالى مثله أو سنة متواترة مقطوع بها يجري مجراه أو إجماع وهذه الأدلة مفقودة بحمد الله في المسألة فيجب التمسك بعموم القرآن فهو الشفاء لكل داء.
ومن شرط صحة أداء حجة الاسلام وعمرته: الاسلام وكمال العقل. لأن الكافر وإن كان واجبا عليه لكونه مخاطبا بالشرائع عندنا فلا يصح منه أداؤهما إلا بشرط الاسلام، وعند تكامل شروط وجوبهما يجبان في العمر مرة واحدة وما زاد عليها مستحب مندوب إليه وخصوصا لذوي اليسار والأموال الواسعة فإنهم يستحب لهم أن يحجوا كل سنة، ووجوبهما على الفور دون التراخي بغير خلاف بين أصحابنا.
وما يجب عند سبب: فهو ما يجب بالنذر أو العهد أو إفساد حج مندوب دخل فيه أو عمرة كذلك ولا سبب لوجوبهما غير ذلك وذلك بحسب النذر أو العهد إن كان واحدا