لم يكن ذا صناعة وكان يحسن السؤال وجرت عادته به لزمه أيضا الحج، فإن لم تجر عادته به لم يلزمه الحج.
فأما ما ذهب إليه الفريق الآخر من أصحابنا فإنهم يتعلقون بأخبار آحاد لا يوجب علما ولا عملا ولا يخصص بمثلها القرآن ولا يرجع عن ظاهر التنزيل بها، بل الواجب العمل بظاهر القرآن وهو قوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، ولا خلاف أن من ذكرنا حاله قادر على إتيان البيت وقصده لأنه تعالى قال: من استطاع إليه سبيلا، ولولا إجماع المسلمين على إبطال قول مالك لكان ظاهر القرآن معه، بل أجمعنا على تخصيص المواضع التي أجمعنا عليها وخصصناها بالإجماع، بقي الباقي بظاهر الآية على عمومها، فمن خصص ما لم يجمع على تخصيصه يحتاج إلى دليل، ألا ترى إلى استدلال السيد المرتضى رحمه الله وقوله: دليلنا على صحة ما ذهبنا إليه بعد الاجماع المتكرر ذكره، أنه لا خلاف في أن من حاله ما ذكرناه أن الحج يلزمه فقد استدل بإجماع الفرقة وإجماع المسلمين بقوله: لا خلاف في أن من حاله ما ذكرناه أن الحج يلزمه، واستدل أيضا على بطلان قول مالك وصحة ما ذهب السيد إليه واختاره بما روي من أن النبي ص سئل عن قوله تعالى: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، فقيل له: يا رسول الله ما الاستطاعة؟ فقال: الزاد والراحلة.
قال محمد بن إدريس: وأخبارنا متواترة عامة في وجوب الحج على من حاله ما ذكرناه قد أوردها أصحابنا في كتب الأخبار، من جملتها ما ذكره شيخنا أبو جعفر الطوسي رحمه الله في كتابه " تهذيب الأحكام " وفي " الاستبصار " فما أورده في الاستبصار عن الكليني محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن محمد بن يحيى الخثعمي قال: سأل حفص الكناني أبا عبد الله ع - وأنا عنده - عن قول الله عز وجل: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، ما يعني ذلك؟ قال:
من كان صحيحا في بدنه مخلى سربه له زاد وراحلة فلم يحج فهو ممن يستطيع الحج، قال: نعم.
عنه عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن حماد بن عثمان عن الحلبي عن أبي عبد الله ع في قول الله عز وجل: ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا، قال: أن يكون له ما يحج به، قال: قلت: من عرض عليه ما يحج